للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّكْبَانَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي قَالُوا: الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ- قَالَ: وَلَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِإِسْلَامِي عِنْدَهُ وَاَللَّهِ الْخَبَرُ- أَخْبِرْنَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغْنَا أَنَّ الْقَاطِعَ قَدْ سَارَ إلَى خَيْبَرَ، وَهِيَ بَلَدُ يَهُودُ وَرِيفُ الْحِجَازِ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ وَعِنْدِي مِنْ الْخَبَرِ مَا يَسُرُّكُمْ، قَالَ: فَالْتَبَطُوا بِجَنْبَيْ نَاقَتِي [١] يَقُولُونَ: إيهِ يَا حَجَّاجُ، قَالَ: قُلْتُ:

هُزِمَ هَزِيمَةً لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا قَطُّ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ قَتْلًا لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهِ قَطُّ، وَأُسِرَ مُحَمَّدٌ أَسْرًا، وَقَالُوا: لَا نَقْتُلُهُ حَتَّى نَبْعَثَ بِهِ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَيَقْتُلُوهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ بِمَنْ كَانَ أَصَابَ مِنْ رِجَالِهِمْ. قَالَ: فَقَامُوا وَصَاحُوا بِمَكَّةَ، وَقَالُوا: قَدْ جَاءَكُمْ الْخَبَرُ، وَهَذَا مُحَمَّدُ إنَّمَا تَنْتَظِرُونَ أَنْ يُقْدَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ، فَيُقْتَلُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ. قَالَ:

قُلْتُ: أَعِينُونِي عَلَى جَمْعِ مَالِي بِمَكَّةَ وَعَلَى غُرَمَائِي، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدَمَ خَيْبَرَ، فَأُصِيبُ مِنْ فَلِّ [٢] مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ إِلَى مَا لَك.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: مِنْ فَيْءِ مُحَمَّدٍ.

(الْعَبَّاسُ يَسْتَوْثِقُ مِنْ خَبَرِ الْحَجَّاجِ وَيُفَاجِئُ قُرَيْشًا) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَ: فَقَامُوا فَجَمَعُوا لِي مَالِي كَأَحَثَّ [٣] جَمْعٍ سَمِعْتُ بِهِ.

قَالَ: وَجِئْتُ صَاحِبَتِي فَقُلْتُ: مَالِي، وَقَدْ كَانَ لِي عِنْدَهَا مَالٌ مَوْضُوعٌ، لَعَلِّي أَلْحَقُ بِخَيْبَرِ، فَأُصِيبَ مِنْ فُرَصِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْعَبَّاسُ ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْخَبَرَ، وَجَاءَهُ عَنِّي، أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ إلَى جَنْبِي وَأَنَا فِي خَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ التُّجَّارِ، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، مَا هَذَا الْخَبَرُ [٤] الَّذِي جِئْتُ بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ:

وَهَلْ عِنْدَكَ حِفْظٌ لِمَا وَضَعْتُ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: فَاسْتَأْخِرْ عَنِّي حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَى خَلَاءٍ، فَإِنِّي فِي جَمْعِ مَالِي كَمَا تَرَى، فَانْصَرِفْ عَنِّي حَتَّى أَفَرُغَ. قَالَ:

حَتَّى إذَا فَرَغْتُ مِنْ جَمْعِ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ لِي بِمَكَّةَ، وَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ، لَقِيتُ الْعَبَّاسَ، فَقُلْتُ: احْفَظْ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا أَبَا الْفَضْلِ، فَإِنِّي أَخْشَى الطَّلَبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قُلْ مَا شِئْتُ،


[١] التبطوا بِجنب نَاقَتي: مَشوا إِلَى جنبها ملازمين لَهَا، مطيفين بهَا، كمشى العرجان، لازدحامهم حولهَا
[٢] الفل: الْقَوْم المنهزمون.
[٣] كأحث: كأسرع.
[٤] هَذِه الْكَلِمَة «الْخَبَر» سَاقِطَة فِي أ.