للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَمَزْتُكَ فَاخْتَضَعْتُ لِذُلِّ نَفْسٍ ... بِقَافِيَةٍ تَأَجَّجُ كَالشُّوَاظِ [١]

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَجَمْعُهُ: هَمَزَاتٌ. وَاللُّمَزَةُ: الَّذِي يَعِيبُ النَّاسَ سِرًّا وَيُؤْذِيهِمْ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:

فِي ظِلِّ عَصْرِي بَاطِلِي وَلَمْزِي [٢]

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ، وَجَمْعُهُ: لَمَزَاتٌ.

(مَا كَانَ يُؤْذِي بِهِ الْعَاصِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا نَزَلَ فِيهِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، كَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَيْنًا بِمَكَّةَ يَعْمَلُ السُّيُوفَ، وَكَانَ قَدْ بَاعَ مِنْ الْعَاصِ ابْن وَائِلٍ سُيُوفًا عَمِلَهَا لَهُ حَتَّى كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا خَبَّابُ أَلَيْسَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ صَاحِبُكُمْ هَذَا الَّذِي أَنْتَ عَلَى دِينِهِ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا ابْتَغَى أَهْلُهَا مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ ثِيَابٍ، أَوْ خَدَمٍ! قَالَ خَبَّابٌ: بَلَى. قَالَ: فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَا خَبَّابُ حَتَّى أَرْجِعَ إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَأَقْضِيَكَ هُنَالك حقّك، فو الله لَا تَكُونُ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ [٣] يَا خَبَّابُ آثَرَ عِنْدَ اللَّهِ مِنِّي، وَلَا أَعْظَمَ حَظًّا فِي ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَداً، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ ١٩: ٧٧- ٧٨ ... إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ، وَيَأْتِينا فَرْداً ١٩: ٨٠.

(مَا كَانَ يُؤْذِي بِهِ أَبُو جَهْلٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا نَزَلَ فِيهِ) :

وَلَقِيَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنِي- فَقَالَ لَهُ:

وَاَللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلِهَتِنَا، أَوْ لَنَسُبَّنَّ إلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ:

وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ٦: ١٠٨. فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّ عَنْ سَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَجَعَلَ يَدْعُوهُمْ إلَى اللَّهِ.


[١] اختضعت: تذللت. وتأجج: تتوقد. والشواظ: لَهب النَّار.
[٢] الْبَيْت ال ٤٢ من الأرجوزة ال ٢٣ يمدح بهَا أبان بن الْوَلِيد البَجلِيّ (ديوانه طبع ليبسج.
سنة ١٩٠٣ ص ٦٤) .
[٣] كَذَا فِي أ، وَفِي سَائِر الْأُصُول: «وَأَصْحَابك» .