فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» ٣: ١٣٧: أَيْ قَدْ مَضَتْ مِنِّي وَقَائِعُ نِقْمَةٍ فِي أَهْلِ التَّكْذِيبِ لِرُسُلِي وَالشِّرْكِ بِي: عَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ، فَرَأَوْا مَثُلَاتٍ قَدْ مَضَتْ مِنِّي فِيهِمْ، وَلِمَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِنِّي، فَإِنِّي أَمْلَيْتُ لَهُمْ: أَيْ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ نِقْمَتِي انْقَطَعَتْ عَنْ عَدُوِّكُمْ وَعَدُوِّي، لِلدَّوْلَةِ الَّتِي أَدْلَتْهُمْ بِهَا عَلَيْكُمْ، لِيَبْتَلِيَكُمْ بِذَلِكَ، لِيُعَلِّمَكُمْ مَا عِنْدَكُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: «هَذَا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ» ٣: ١٣٨: أَيْ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلنَّاسِ إنْ قَبِلُوا الْهُدَى «وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ» ٣: ١٣٨: أَيْ نُورٌ وَأَدَبٌ «لِلْمُتَّقِينَ» ٣: ١٣٨ أَيْ لِمَنْ أَطَاعَنِي وَعَرَفَ أَمْرِي. «وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا» ٣: ١٣٩: أَيْ لَا تَضْعُفُوا وَلَا تَبْتَئِسُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ، «وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ» ٣: ١٣٩: أَيْ لَكُمْ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ وَالظُّهُورُ «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» ٣: ١٣٩: أَيْ إنْ كُنْتُم صدّقتم نَبِي بِمَا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ عَنِّي. «إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ» ٣: ١٤٠: أَيْ جِرَاحُ [١] مِثْلُهَا، «وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ» ٣: ١٤٠: أَيْ نُصَرِّفُهَا بَيْنَ النَّاسِ لِلْبَلَاءِ وَالتَّمْحِيصِ «وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ، وَالله لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» ٣: ١٤٠: أَيْ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلِيُكْرِمَ مَنْ أَكْرَمَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِالشَّهَادَةِ «وَالله لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» ٣: ١٤٠: أَيْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ الطَّاعَةَ وَقُلُوبُهُمْ مُصِرَّةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ «وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» ٣: ١٤١: أَيْ يَخْتَبِرَ الَّذِينَ آمَنُوا حَتَّى يُخَلِّصَهُمْ بِالْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَكَيْفَ صَبْرُهُمْ وَيَقِينُهُمْ «وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ» ٣: ١٤١: أَيْ يُبْطِلَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ قَوْلَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، حَتَّى يَظْهَرَ مِنْهُمْ كُفْرُهُمْ الَّذِي يَسْتَتِرُونَ بِهِ.
(دَعْوَةُ الْجَنَّةِ لِلْمُجَاهِدِينَ) :
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ» ٣: ١٤٢: أَيْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَتُصِيبُوا مِنْ ثَوَابِي الْكَرَامَةَ، وَلَمْ أَخْتَبِرْكُمْ بِالشِّدَّةِ، وَأَبْتَلِيَكُمْ بِالْمَكَارِهِ، حَتَّى أَعْلَمَ صِدْقَ
[١] قَالَ أَبُو ذَر: «قَالَ للفراء: الْقرح (بِفَتْح الْقَاف) : الْجراح. والقرح (بِضَم الْقَاف) ألم الْجراح. وَغَيره لَا يفرق بَينهمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute