للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: أَوْسٌ وَعُثْمَانُ: قَبِيلَا مُزَيْنَةَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مِنْ قَوْلِهِ «

أَبْلِغْ هَوَازِنَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا

» إلَى آخِرِهَا، فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ، وَهُمَا مَفْصُولَتَانِ، وَلَكِنَّ ابْنَ إسْحَاقَ جَعَلَهُمَا وَاحِدَةً.

(أَمْرُ ذَاتِ أَنْوَاطٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَسِرْنَا مَعَهُ إلَى حُنَيْنٍ، قَالَ: وَكَانَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْعَرَبِ لَهُمْ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ خَضْرَاءُ، يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، يَأْتُونَهَا كُلَّ سَنَةٍ، فَيُعَلِّقُونَ أَسْلِحَتَهُمْ عَلَيْهَا، وَيَذْبَحُونَ عِنْدَهَا، وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا يَوْمًا. قَالَ: فَرَأَيْنَا وَنَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِدْرَةً خَضْرَاءَ عَظِيمَةً، قَالَ: فَتَنَادَيْنَا مِنْ جَنَبَاتِ الطَّرِيقِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قُلْتُمْ، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: «اجْعَلْ لَنَا إلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» . إنَّهَا السُّنَنُ، لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.

(لِقَاءُ هَوَازِنَ وَثَبَاتُ الرَّسُولِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ [١] حَطُوطٍ [٢] ، إنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ [٣] ، وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ سَبَقُونَا إلَى الْوَادِي، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَحْنَائِهِ [٤] وَمَضَايِقِهِ،


[١] تهَامَة: مَا انخفض من أَرض الْحجاز. وأجوف: متسع. وحطوط: منحدر.
[٢] كَذَا فِي أ. وَفِي م، ر: «أجوف ذِي خطوط» .
[٣] عماية الصُّبْح: ظلامة قبل أَن يتَبَيَّن.
[٤] الشعاب هُنَا: الطّرق الْخفية. وأحناؤه: جوانبه. وَرِوَايَة الزرقانى: «وأجنابه» .