للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْ إلَّا دَفْعًا وَتَعْذِيرًا [١] «أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ٣٣: ١٩» : أَيْ لِلضَّغَنِ الَّذِي فِي أَنْفُسِهِمْ «فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ، تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ٣٣: ١٩» : أَيْ إعْظَامًا لَهُ وَفَرَقًا مِنْهُ «فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ ٣٣: ١٩» : أَيْ فِي الْقَوْلِ بِمَا لَا تُحِبُّونَ، لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ آخِرَةً، وَلَا تَحْمِلهُمْ حِسْبَةٌ [٢] ، فَهُمْ يَهَابُونَ الْمَوْتَ هَيْبَةَ مَنْ لَا يَرْجُو مَا بَعْدَهُ.

(تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ) :

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: سَلَقُوكُمْ: بَالَغُوا فِيكُمْ بِالْكَلَامِ، فَأَحْرَقُوكُمْ وَآذَوْكُمْ. تَقُولُ الْعَرَبُ: خَطِيبٌ سَلَّاقٌ، وَخَطِيبٌ مُسْلِقٌ وَمِسْلَاقٌ. قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ ابْنِ ثَعْلَبَةَ:

فِيهِمْ الْمجد والسّماحة والنجدة ... فِيهِمْ وَالْخَاطِبُ السَّلَّاقُ

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.

«يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا ٣٣: ٢٠» قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ «وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ مَا قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ٣٣: ٢٠» .

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ٣٣: ٢١» : أَيْ لِئَلَّا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا عَنْ مَكَانٍ هُوَ بِهِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَصِدْقَهُمْ وَتَصْدِيقَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ اللَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ يَخْتَبِرُهُمْ [٣] بِهِ، فَقَالَ: وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ [٤] قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً ٣٣: ٢٢: أَيْ صَبْرًا عَلَى الْبَلَاءِ وَتَسْلِيمًا لِلْقَضَاءِ، وَتَصْدِيقًا لِلْحَقِّ، لَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَدَهُمْ وَرَسُولُهُ [٥] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


[١] التعذير: أَن يفعل الرجل الشَّيْء بِغَيْر نِيَّة، وَإِنَّمَا يُرِيد أَن يُقيم بِهِ الْعذر عِنْد من يرَاهُ.
[٢] كَذَا فِي «أ» . والحسبة (بِالْكَسْرِ) : طلب الْأجر. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «حَسَنَة» .
[٣] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ليختبر» .
[٤] هَذِه الْجُمْلَة: «وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ ٣٣: ٢٢» من الْآيَة سَاقِطَة فِي أ.
[٥] فِي أ: «لما كَانَ الله وعدهم الله وَرَسُوله» .