للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيْضَةِ بَيْضَةِ هَوَازِنَ [١] إلَى نُحُورِ الْخَيْلِ شَيْئًا، ارْفَعْهُمْ إلَى مُتَمَنَّعِ بِلَادِهِمْ وَعُلْيَا قَوْمِهِمْ، ثُمَّ الْقَ الصُّبَاءَ [٢] عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ لَحِقَ بِكَ مَنْ وَرَاءَكَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ أَلْفَاكَ ذَلِكَ قَدْ أَحْرَزْتُ أَهْلَكَ وَمَالَكَ. قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ، إنَّكَ قَدْ كَبِرْتُ وَكَبِرَ عقلك. وَالله لتطعينّنى يَا مَعْشَرَ هوَازن أَو لأتّكسئنّ عَلَى هَذَا السَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي. وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ لِدُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ فِيهَا ذِكْرٌ أَوْ رَأْيٌ، فَقَالُوا: أَطَعْنَاكَ، فَقَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ: هَذَا يَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ وَلَمْ يَفُتْنِي:

يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ ... أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ [٣]

أَقُودُ وَطْفَاءَ الزَّمَعْ ... كَأَنَّهَا شَاةٌ صَدَعْ [٤]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ قَوْلَهُ:

«يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ

»

(الْمَلَائِكَةُ وَعُيُونُ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ: إذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاكْسِرُوا جُفُونَ سُيُوفِكُمْ، ثُمَّ شُدُّوا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَ: أَنَّ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ بَعَثَ عُيُونًا مِنْ رِجَالِهِ، فَأَتَوْهُ وَقَدْ تَفَرَّقَتْ أَوْصَالُهُمْ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: رَأَيْنَا رِجَالًا بِيضًا عَلَى خيل بلق، فو الله مَا تَمَاسَكْنَا أَنْ أَصَابَنَا مَا ترى، فو الله مَا رَدَّهُ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ أَنْ مَضَى عَلَى مَا يُرِيدُ.

(بَعْثُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ عَيْنًا عَلَى هَوَازِنَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ


[١] بَيْضَة هوَازن: جَمَاعَتهمْ.
[٢] الصباء: جمع صابئ، وهم الْمُسلمُونَ عِنْدهم، كَانُوا يسمونهم بِهَذَا لأَنهم صبئوا من دينهم، أَي خَرجُوا من دين الْجَاهِلِيَّة إِلَى الْإِسْلَام.
[٣] الْجذع: الشَّاب. والخبب والوضع: ضَرْبَان من السّير.
[٤] الوطفاء: الطَّوِيلَة الشّعْر. والزمع: الشّعْر الّذي فَوق مربط قيد الدَّابَّة. يُرِيد فرسا صفتهَا هَكَذَا وَهُوَ مَحْمُود فِي وصف الْخَيل. وَالشَّاة هُنَا: الوعل. وصدع: أَي وعل بَين الوعلين، لَيْسَ بالعظيم وَلَا بالحقير.