للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنَ هِشَامٌ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: الْعَاصِ بْنُ هِشَامِ [١] بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ.

(مَقْتَلُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِيهِ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لِي صَدِيقًا بِمَكَّةَ، وَكَانَ اسْمِي عَبْدَ عَمْرٍو، فَتَسَمَّيْتُ، حِينَ أَسْلَمْتُ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَنَحْنُ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يَلْقَانِي إذْ نَحْنُ بِمَكَّةَ فَيَقُولُ:

يَا عَبْدَ عَمْرٍو، أَرَغِبْتَ عَنْ اسْمٍ سَمَّاكَهُ أَبَوَاكَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَيْئًا أَدْعُوكَ بِهِ، أَمَّا أَنْتَ فَلَا تُجِيبُنِي بِاسْمِكَ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَدْعُوكَ بِمَا لَا أَعْرِفُ، قَالَ: فَكَانَ إذَا دَعَانِي: يَا عَبْدَ عَمْرٍو، لَمْ أُجِبْهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، اجْعَلْ مَا شِئْتَ، قَالَ: فَأَنْتَ عَبْدُ الْإِلَهِ، قَالَ:

فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُنْتُ إذَا مَرَرْتُ بِهِ قَالَ: يَا عَبْدَ الْإِلَهِ فَأُجِيبُهُ، فَأَتَحَدَّثُ مَعَهُ. حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، مَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَ ابْنِهِ، عَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ، آخُذُ بِيَدِهِ، وَمَعِي أَدْرَاعٌ [٢] ، قَدْ اسْتَلَبْتُهَا، فَأَنَا أَحْمِلُهَا. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي:

يَا عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْإِلَهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ لَكَ فِيَّ، فَأَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَدْرَاعِ الَّتِي مَعَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، هَا اللَّهِ ذَا [٣] . قَالَ:

فَطَرَحْتُ الْأَدْرَاعَ مِنْ يَدِي، وَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَيَدِ ابْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، أَمَا لَكُمْ حَاجَةٌ فِي اللَّبَنِ؟ (قَالَ) [٤] : ثُمَّ خَرَجْتُ أَمْشِي بِهِمَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُرِيدُ بِاللَّبَنِ، أَنَّ مَنْ أَسَرَنِي افْتَدَيْتُ مِنْهُ بِإِبِلِ كَثِيرَةِ اللَّبَنِ.


[١] فِي أ: «هَاشم» .
[٢] فِي م، ر: «أَدْرَاع لي» .
[٣] كَذَا فِي شرح السِّيرَة وَالرَّوْض. قَالَ السهيليّ: «هَا: تَنْبِيه. وَذَا: إِشَارَة إِلَى نَفسه وَقَالَ:
بَعضهم إِلَى الْقسم، أَي هَذَا قسمي. وأراها إِشَارَة إِلَى الْمقسم، وخفض اسْم الله بِحرف الْقسم أضمره وَقَامَ التَّنْبِيه مقَامه، كَمَا يقوم الِاسْتِفْهَام مقَامه، فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَا أَنا ذَا مقسم. وَفصل بِالِاسْمِ الْمقسم بِهِ بَين (هَا) و (ذَا) فَعلم أَنه هُوَ الْمقسم، فاستغنى عَن أَنا. وَكَذَلِكَ قَول أَبى بكر: لَا هَا الله ذَا، وَقَول زُهَيْر:
تعلمن هَا لعَمْرو الله ذَا قسما
أكد بِالْمَصْدَرِ قسمه الّذي دلّ عَلَيْهِ لَفظه الْمُتَقَدّم» .
[٤] زِيَادَة عَن أ.