عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَبَحُوهُمَا فَأَكَلُوهُمَا، فَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَاكًا، فَكَانَ إذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: أُمْتِعُوا بِي، لَعَمْرِي، حَتَّى كُنْتُ مِنْ آخِرِهِمْ هُلْكًا.
(أَمْرُ صَفِيَّةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمُوصَ، حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَبِأُخْرَى مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَاحَتْ، وَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَحَثَّتْ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْزِبُوا [١] عَنِّي هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ، وَأَمَرَ بِصَفِيَّةَ فَحِيزَتْ خَلْفَهُ، وَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالِ، فِيمَا بَلَغَنِي، حِينَ رَأَى بِتِلْكَ الْيَهُودِيَّةِ مَا رَأَى: أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ يَا بِلَالُ، حِينَ تَمُرُّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا؟ وَكَانَتْ صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، أَنَّ قمرا وَقع فِي حِجْرُهَا، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ:
مَا هَذَا إلَّا أَنَّكَ تَمَنَّيْنَ مُلْكَ الْحِجَازِ مُحَمَّدًا، فَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً خَضَّرَ عَيْنَهَا مِنْهَا. فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهُ، فَسَأَلَهَا مَا هُوَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ هَذَا الْخَبَرَ.
بَقِيَّةُ أَمْرِ خَيْبَرَ
(عُقُوبَةُ كِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ) :
وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنِّي رَأَيْتُ كِنَانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكِنَانَةَ:
[١] أعزبوا: أبعدوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute