للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَنُسْقِي الْخَمْرَ، وَتَعْزِفُ عَلَيْنَا الْقِيَانُ [١] ، وَتَسْمَعُ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدًا بَعْدَهَا، فَامْضُوا.

(رُجُوعُ الْأَخْنَسِ بِبَنِي زُهْرَةَ) :

وَقَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ وَهُمْ بِالْجُحْفَةِ: يَا بَنِي زُهْرَةَ، قَدْ نَجَّى اللَّهُ لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَخَلَّصَ لَكُمْ صَاحِبَكُمْ مَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَإِنَّمَا نَفَرْتُمْ لِتَمْنَعُوهُ وَمَالَهُ، فَاجْعَلُوا لِي جُبْنَهَا وَارْجِعُوا، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكُمْ بِأَنْ تَخْرُجُوا فِي غَيْرِ ضَيْعَةٍ [٢] ، لَا مَا يَقُولُ هَذَا، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ.

فَرَجَعُوا، فَلَمْ يَشْهَدْهَا زُهْرِيٌّ وَاحِدٌ، أَطَاعُوهُ وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا. وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ بَطْنٌ إلَّا وَقَدْ نَفَرَ مِنْهُمْ نَاسٌ، إلَّا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَرَجَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ مَعَ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، فَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا مِنْ هَاتَيْنِ الْقَبِيلَتَيْنِ أَحَدٌ، وَمَشَى الْقَوْمُ. وَكَانَ بَيْنَ طَالِبِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- وَكَانَ فِي الْقَوْمِ- وَبَيْنَ بَعْضِ قُرَيْشٍ مُحَاوَرَةٌ، فَقَالُوا: وَاَللَّهِ لَقَدْ عَرَفْنَا يَا بَنِي هَاشِمٍ، وَإِنْ خَرَجْتُمْ مَعَنَا، أَنَّ هَوَاكُمْ لَمَعَ مُحَمَّدٍ. فَرَجَعَ طَالِبٌ إلَى مَكَّةَ مَعَ مَنْ رَجَعَ. وَقَالَ طَالِبُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ:

لَا هُمَّ إمَّا يَغْزُوَنَّ طَالِبْ ... فِي عُصْبَةٍ مُحَالِفٌ مُحَارِبْ [٣]

فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبِ ... فَلْيَكُنْ الْمَسْلُوبُ غَيْرَ السَّالِبِ [٤]

وَلْيَكُنْ الْمَغْلُوبُ غَيْرَ الْغَالِبِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «فَلْيَكُنْ الْمَسْلُوبُ» ، وَقَوْلُهُ «وَلْيَكُنْ الْمَغْلُوبُ» عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الرِّوَاةِ لِلشِّعْرِ.

(نُزُولُ قُرَيْشٍ بِالْعُدْوَةِ وَالْمُسْلِمِينَ بِبَدْرِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمَضَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى نَزَلُوا بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى مِنْ الْوَادِي، خَلْفَ الْعَقَنْقَلِ وَبَطْنِ الْوَادِي، وَهُوَ يَلَيْلُ، بَيْنَ بَدْرٍ وَبَيْنَ الْعَقَنْقَلِ،


[١] القيان: الْجَوَارِي.
[٢] فِي السِّيرَة الحلبية: «فِي غير مَنْفَعَة» .
[٣] محالف: متحالفين. ومحارب جمع محرب: أَي شجعان.
[٤] المقنب: الْجَمَاعَة من الْخَيل، مِقْدَار ثَلَاث مائَة أَو نَحْوهَا. عَن أَبى ذَر.