للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْن كنَانَة، لَا نقفو [١] أُمَّنَا، وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا، فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: هَلْ فَرَغْتُمْ يَا مَعْشَرَ كِنْدَةَ؟ وَاَللَّهِ لَا أَسْمَعُ رَجُلًا يَقُولُهَا إلَّا ضَرَبْتُهُ ثَمَانِينَ.

(نَسَبُ الْأَشْعَثِ إلَى آكِلِ الْمُرَارِ) :

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ وَلَدِ آكِلِ الْمُرَارِ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ، وَآكِلُ الْمُرَارِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُجْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتِّعِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ كِنْدِيٍّ، وَيُقَالُ كِنْدَةَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ آكِلَ الْمُرَارِ، لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْهَبُولَةِ الْغَسَّانِيَّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الْحَارِثُ غَائِبًا، فَغَنِمَ وَسَبَى، وَكَانَ فِيمَنْ سَبَى أُمُّ أُنَاسَ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ مُحَلَّمٍ الشَّيْبَانِيِّ، امْرَأَةُ الْحَارِثِ ابْن عَمْرٍو، فَقَالَتْ لِعَمْرِو فِي مَسِيرِهِ: لَكَأَنِّي بِرَجُلِ أَدْلَمْ [٢] أَسْوَدَ، كَأَنَّ مَشَافِرَهُ مَشَافِرُ بَعِيرِ آكِلِ مُرَارٍ [٣] قَدْ أَخَذَ بِرِقْبَتِكَ، تَعْنِي الْحَارِثَ، فَسُمِّيَ آكِلَ الْمُرَارِ، وَالْمُرَارُ: شَجَرٌ. ثُمَّ تَبِعَهُ الْحَارِثُ فِي بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَلَحِقَهُ، فَقَتَلَهُ، وَاسْتَنْقَذَ امْرَأَتَهُ، وَمَا كَانَ أَصَابَ. فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ الْيَشْكُرِيُّ لِعَمْرِو بْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ اللَّخْمِيُّ:

وَأَقَدْنَاكَ رَبَّ غَسَّانَ بِالْمُنْذِرِ ... كَرْهًا إذْ لَا تُكَالُ الدِّمَاءُ

لِأَنَّ الْحَارِثَ الْأَعْرَجَ الْغَسَّانِيَّ قَتَلَ الْمُنْذِرُ أَبَاهُ، وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَطْوَلُ مِمَّا ذَكَرْتُ، وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ اسْتِقْصَائِهِ مَا ذَكَرْتُ مِنْ الْقَطْعِ. وَيُقَالُ بَلْ آكِلُ الْمُرَارِ: حُجْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ آكِلَ الْمُرَارِ، لِأَنَّهُ أَكَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ شَجَرًا يُقَالُ لَهُ الْمُرَارُ.


[١] لَا نقفو أمنا: لَا نتبع نسب أمنا. وَقد كَانَ من جدات الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هِيَ من ذَلِك الْقَبِيل، مِنْهُنَّ دعد بنت سَرِير بن ثَعْلَبَة بن الْحَارِث الْكِنْدِيّ الْمَذْكُور، وَهِي أم كلاب بن مرّة، وَقيل: بل هِيَ جدة كلاب، أم أمه هِنْد، وَقد ذكر ابْن إِسْحَاق هندا هَذِه، وَذكر أَنَّهَا ولدت كلابا (عَن السهيليّ) .
[٢] الأدلم: المسترخى الشفتين.
[٣] المرار (بِضَم الْمِيم) : نبت إِذا أَكلته الْإِبِل تقبضت مشافرها، لمرارته.