للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا كَانَ يَلِيهِ الْغَوْثُ بْنُ مُرَّ مِنْ الْإِجَازَةِ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ

وَكَانَ الْغَوْثُ بْنُ مُرَّ بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ يَلِي الْإِجَازَةَ [١] لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ مِنْ [٢] عَرَفَةَ، وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ولِوَلَدِهِ صُوفَةُ [٣] . وَإِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الْغَوْثُ بْنُ مُرَّ، لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ امْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ، وَكَانَتْ لَا تَلِدُ، فَنَذَرَتْ للَّه إنْ هِيَ وَلَدَتْ رَجُلًا أَنْ تَصَّدَّقَ بِهِ عَلَى الْكَعْبَةِ عَبْدًا لَهَا يَخْدُمُهَا، وَيَقُومُ عَلَيْهَا. فَوَلَدَتْ الْغَوْثَ، فَكَانَ يَقُومُ عَلَى الْكَعْبَةِ فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ مَعَ أَخْوَالِهِ مِنْ جُرْهُمٍ، فَوَلِيَ الْإِجَازَةَ بِالنَّاسِ مِنْ عَرَفَةَ، لِمَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ، وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى انْقَرَضُوا [٤] . فَقَالَ مُرُّ بْنُ أَدٍّ لِوَفَاءِ نَذْرِ أُمِّهِ:

إنِّي جَعَلْتُ رَبَّ مَنْ بَييَّهْ ... رَبِيطَةً بِمَكَّةَ الْعَلِيَّهْ

فَبَارِكْنَ لِي بِهَا أليَّهْ [٥] ... وَاجْعَلْهُ لِي مِنْ صَالِحِ الْبَرِيَّهْ

وَكَانَ الْغَوْثُ بْنُ مُرٍّ- فِيمَا زَعَمُوا- إذَا دَفَعَ بِالنَّاسِ قَالَ:

لَا همّ إنِّي تَابِعٌ تَبَاعَهُ [٦] ... إنْ كَانَ إثْمٌ فَعَلَى قُضَاعَهُ

[٧]


[ () ] خُزَاعَة على وُلَاة الْبَيْت أَن يتخلوا لَهُم عَن ولَايَته ويدلوهم على الْحجر، فَفَعَلُوا ذَلِك، فَمن هُنَالك صَارَت ولَايَة الْبَيْت لخزاعة إِلَى أَن صَارَت إِلَى بنى عبد منَاف. (رَاجع الرَّوْض الْأنف وَكتاب الْأَوَائِل لأبى هِلَال العسكري) .
[١] الْإِجَازَة: الْإِفَاضَة.
[٢] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «من بعد عَرَفَة» .
[٣] وَإِنَّمَا قيل للغوث وَولده: صوفة، لِأَن أمه حِين جعلته ربيطا للكعبة علقت بِرَأْسِهِ صوفة، وَقيل ألبسته ثوبا من صوف، وَقيل: إِنَّمَا سمى كَذَلِك، لِأَن أمه لما ربطته عِنْد الْبَيْت أَصَابَهُ الْحر فمرت بِهِ وَقد سقط وذوى واستعرض، فَقَالَت: مَا صَارا بنى إِلَّا صوفة، فَسمى صوفة. وَقيل: إِنَّمَا سمى كَذَلِك لِأَن كل من ولى الْبَيْت شَيْئا من غير أَهله، أَو قَامَ بِشَيْء من خدمَة الْبَيْت، أَو بِشَيْء من أَمر الْمَنَاسِك، يُقَال لَهُم صوفة وصوفان.
[٤] وَقيل: إِن ولَايَة الْغَوْث بن مر كَانَت من قبل مُلُوك كِنْدَة. (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[٥] الألية: فِي الأَصْل الْيَمين، وَهِي هُنَا: النّذر الّذي نذرته أمه.
[٦] التباعة: مَا يتبعهُ الْإِنْسَان ويقتدى بِهِ.
[٧] إِنَّمَا خص قضاعة بِهَذَا، لِأَن مِنْهُم مخلين يسْتَحلُّونَ الْأَشْهر الْحرم، كَمَا كَانَت خثعم وطيِّئ تفعل