للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ: يَا بَنِي عَامِرٍ، أَغُدَّةٌ [١] كَغُدَّةِ الْبَكْرِ [٢] فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ! قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْإِبِلِ، وَمَوْتًا فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ.

(مَوْتُ أَرْبَدَ بِصَاعِقَةِ وَمَا نَزَلَ فِيهِ وَفِي عَامِرٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ أَصْحَابُهُ حِينَ وَارَوْهُ، حِينَ قَدِمُوا أَرْضَ بَنِي عَامِرٍ شَاتِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا أَتَاهُمْ قَوْمُهُمْ فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا أَرْبَدُ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ وَاَللَّهِ، لَقَدْ دَعَانَا إلَى عِبَادَةِ شَيْءٍ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ عِنْدِي الْآنَ، فَأَرْمِيَهُ بِالنَّبْلِ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَخَرَجَ بَعْدَ مَقَالَتِهِ بِيَوْمِ أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَهُ جَمْلٌ لَهُ يَتْبَعُهُ [٣] ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَلِهِ صَاعِقَةً، فَأَحْرَقَتْهُمَا. وَكَانَ أَرْبَدُ بْنُ قَيْسٍ أَخَا لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ لِأُمِّهِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي عَامِرٍ وَأَرْبَدَ: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ ١٣: ٨ ... إلَى قَوْلِهِ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ ١٣: ١١ قَالَ: الْمُعَقِّبَاتُ: هِيَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَحْفَظُونَ مُحَمَّدًا. ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَدَ وَمَا قَتَلَهُ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ ١٣: ١٣ إلَى قَوْلِهِ: شَدِيدُ الْمِحالِ ١٣: ١٣.

(شِعْرُ لَبِيَدٍ فِي بُكَاءِ أَرْبَدَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ لَبِيدٌ يَبْكِي أَرْبَدَ:

مَا إنْ تُعَدِّي الْمَنُونُ مِنْ أَحَدٍ ... لَا وَالِدٍ مُشْفِقٍ وَلَا وَلَدِ [٤]

أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الْحُتُوفَ وَلَا ... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالْأَسَدِ

فَعَيْنٍ هَلَّا بَكَيْتُ أَرْبَدَ إذْ ... قُمْنَا وَقَامَ النِّسَاءُ فِي كَبَدِ [٥]


[١] الغدة: دَاء يُصِيب الْبَعِير فَيَمُوت مِنْهُ. وَهُوَ شَبيه بالذبحة الَّتِي تصيب الْإِنْسَان.
[٢] الْبكر: الْفَتى من الْإِبِل. وَإِنَّمَا تأسف عَامر أَن لم يمت مقتولا، كَمَا يتأسف الشجعان، وتأسف أَيْضا على مَوته فِي بَيت امْرَأَة من سلول، لِأَن بنى سلول قبيل مَوْصُوف عِنْدهم باللؤم، وَلَيْسَ ذَلِك للؤم أصولهم، لِأَن مكانهم من قَومهمْ مَشْهُور، وَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْء غلب عَلَيْهِم كَمَا غلب على محَارب وباهلة.
[٣] فِي أ: «يَبِيعهُ» .
[٤] تعدى: تتْرك.
[٥] كبد: حزن ومشقة.