للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(شِعْرُ أَبِي خِرَاشٍ فِي رِثَاءِ ابْنِ الْعَجْوَةِ) :

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: أُسِرَ زُهَيْرُ بْنُ الْعَجْوَةِ الْهُذَلِيُّ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَكُتِّفَ، فَرَآهُ جَمِيلُ [١] بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ الْمَاشِي لَنَا بِالْمَغَايِظِ؟ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ أَبُو خِرَاشٍ [٢] الْهُذَلِيُّ يَرْثِيهِ، وَكَانَ ابْنَ عَمِّهِ:

عَجَّفَ [٣] أَضْيَافِي جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ ... بِذِي فَجَرٍ تَأْوِي إلَيْهِ الْأَرَامِلُ [٤]

طَوِيلِ نِجَادِ [٥] السَّيْفِ [٦] لَيْسَ بِجَيْدَرٍ [٧] ... إذَا اهْتَزَّ وَاسْتَرْخَتْ عَلَيْهِ الْحَمَائِلُ [٨]

تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمَانِ إزَارَهُ [٩] ... مِنْ الْجُودِ لَمَّا أَذْلَقَتْهُ [١٠] الشَّمَائِلُ [١١]

إلَى بَيْتِهِ يَأْوِي الضَّرِيكُ [١٢] إذَا شَتَا ... وَمُسْتَنْبِحٌ [١٣] بَالِي الدَّرِيسَيْنِ عَائِلُ [١٤]


[١] هُوَ غير جميل بن معمر العذري، صَاحب بثينة، الشَّاعِر الْمَعْرُوف.
[٢] اسْمه خويلد بن مرّة، وَكَانَ شَاعِرًا إسلاميا. مَاتَ فِي خلَافَة عمر من حَيَّة نهشته.
[٣] كَذَا فِي الْأُصُول. وعجف (بالتضعيف) : أَضْعَف وهزل. وَفِي ديوَان أشعار الهذليين (المخطوط الْمَحْفُوظ بدار الْكتب المصرية برقم ٦ أدب ش) : «فجع» .
[٤] الْفجْر (بتحريك الْجِيم) : الْجُود وَالْكَرم. والأرامل: المحتاجون، الْوَاحِد: أرمل وأرملة
[٥] النجاد: حمائل السَّيْف.
[٦] فِي ديوَان الهذليين: «الْبَز» وَهُوَ السِّلَاح. وَيُرِيد بِهِ هُنَا السَّيْف خَاصَّة.
[٧] كَذَا فِي الدِّيوَان. والجيدر: الْقصير. وَفِي م، ر: «بحيدر» بِالْحَاء الْمُهْملَة.
وَفِي أ: «بخيذر» ، (بخاء وذال معجمتين) ، وهما تَصْحِيف.
[٨] الحمائل: جمع حمالَة، وَهِي علاقَة السَّيْف، ويكنى بِطُولِهَا عَن طول الْقَامَة.
[٩] فِي الدِّيوَان: «رِدَاءَهُ» .
[١٠] كَذَا فِي الْأُصُول. وَالشَّمَائِل: ريَاح الشمَال الْبَارِدَة، وَمَعَهَا الْقَحْط. وأذلقته: جهدته وأمحلته.
يصفه بالجود مَعَ الجدب وَذَلِكَ حِين تهيج الشمَال شتاء. وَفِي الدِّيوَان: «لما استقبلته الشَّمَائِل» . وَهِي بمعناها. وَمَوْضِع هَذَا الْبَيْت فِي الدِّيوَان بعد بَيته: «تروح مقرورا» .
[١١] قَالَ السهيليّ: «يُرِيد أَنه من سخائه يُرِيد أَن يتجرد من إزَاره لسائله، فيسلمه إِلَيْهِ. وألفيت بِخَط أَبى الْوَلِيد الوقشى: «الْجُود (هَا هُنَا) ، وعَلى هَذِه الرِّوَايَة، وبهذه الرُّتْبَة: السخاء، وَكَذَلِكَ فسر الْأَصْمَعِي والطوسي. وَأما على مَا وَقع فِي شعر الْهُذلِيّ، فسره فِي الْغَرِيب المُصَنّف، فَهُوَ الْجُوع» . وَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة فِي ديوَان الهذليين الّذي أَشَرنَا إِلَيْهِ.
[١٢] كَذَا فِي الْأُصُول. والضريك: الْفَقِير. وَفِي الدِّيوَان: «الْغَرِيب» .
[١٣] كَذَا فِي الْأُصُول. والمستنبح: الطارق لَيْلًا، يَقع فِي حيرة فينبح، فتنبحه الْكلاب، فيقصد موضعهَا. وَفِي الدِّيوَان: «ومهتلك» وَهُوَ بِمَعْنى المستنبح» .
[١٤] الدريسان: الثوبان الخلقان، يُرِيد رِدَاءَهُ وَإِزَاره. والعائل: الْفَقِير.