للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَلَأَتْ بِهِ الفرجين فار مدّت بِهِ ... وَثَوَى أَحِبَّتُهُ بِشَرِّ مَقَامِ [١]

وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ ... نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ

طَحَنَتْهُمْ، وَاَللَّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ، ... حَرْبٌ يُشَبُّ [٢] سَعِيرُهَا بِضِرَامِ [٣]

لَوْلَا الْإِلَهُ وَجَرْيُهَا لَتَرَكْنَهُ ... جَزَرَ السِّبَاعِ وَدُسْنَهُ بحَوَامِي [٤]

مِنْ بَيْنَ مَأْسُورٍ يُشَدُّ وَثَاقُهُ ... صَقْرٍ إذَا لَاقَى الْأَسِنَّةَ حَامِي [٥]

وَمُجَدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ ... حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الْأَعْلَامِ [٦]

بِالْعَارِ وَالذُّلِّ الْمُبَيَّنِ إذْ [٧] رَأَى ... بِيضَ السُّيُوفِ تَسُوقُ كُلَّ هُمَامِ [٨]

بِيَدَيْ أَغَرَّ إذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ ... نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَعٍ مِقْدَامِ [٩]

بِيضٌ إذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمَتْ ... كَالْبَرْقِ تَحْتَ ظِلَالِ كُلِّ غَمَامِ

(شِعْرُ الْحَارِثِ فِي الرِّدِّ عَلَى حَسَّانَ) :

فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ:

اللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَرَكْتُ قِتَالَهُمْ ... حَتَّى حَبَوْا مُهْرِي بِأَشْقَرَ مُزْبِدِ [١٠]

وَعَرَفْتُ أَنِّي إنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلَا يَنْكِي [١١] عَدُوِّي مَشْهَدِي

فَصَدَدْتُ عَنْهُمْ وَالْأَحِبَّةُ فِيهِمْ ... طَمَعًا لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدٍ [١٢]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَهَا الْحَارِثُ يَعْتَذِرُ مِنْ فِرَارِهِ يَوْمَ بَدْرٍ.


[١] الفرجان (هُنَا) : مَا بَين يَديهَا وَمَا بَين رِجْلَيْهَا. وارمدت: أسرعت. وثوى: أَقَامَ
[٢] كَذَا فِي أ. ويشب: يُوقد. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «يشيب» .
[٣] الضرام: مَا توقد بِهِ النَّار.
[٤] دسنه: وطئنه، والحوامي: جمع حامية، وَهِي مَا عَن يَمِين سنبك الْفرس وشماله.
[٥] رِوَايَة هَذَا الْبَيْت فِي الدِّيوَان:
من كل مأسور يشد صفاده ... صقر إِذا لَاقَى الكتيبة حامي
[٦] المجدل: الصريع على الأَرْض. والأعلام: جمع علم، هُوَ الْجَبَل العالي.
[٧] فِي م، ر: «إِذا» .
[٨] الْهمام: السَّيِّد الّذي إِذا هم بِأَمْر فعله.
[٩] الْقصار: الَّذين قصر سَعْيهمْ عَن طلب المكارم، وَلم يرد بهم قصار القامات. والسميدع: السَّيِّد.
[١٠] يُرِيد «بالأشقر» : الدَّم. والمزبد: الّذي قد علاهُ الزّبد.
[١١] ينكى: يؤلم ويوجع.
[١٢] يُرِيد «بالأحبة» من قتل أَو أسر من رهطه وَإِخْوَته.