للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عُيَيْنَةُ وَمَا كَانَ يُخْفِي مِنْ نِيَّتِهِ) :

فَلَمَّا اسْتَقَلَّ النَّاسُ نَادَى سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ عِلَاجٍ: أَلَا إنَّ الْحَيَّ مُقِيمٌ. قَالَ: يَقُولُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أَجَلْ، وَاَللَّهِ مَجَدَةً كِرَامًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ يَا عُيَيْنَةُ، أَتَمْدَحُ الْمُشْرِكِينَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ جِئْتُ تَنْصُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَقَالَ:

إنِّي وَاَللَّهِ مَا جِئْتُ لِأُقَاتِلَ ثَقِيفًا مَعَكُمْ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَفْتَحَ مُحَمَّدٌ الطَّائِفَ، فَأُصِيبَ مِنْ ثَقِيفٍ جَارِيَةً أَتَّطِئُهَا، لَعَلَّهَا تَلِدُ لِي رَجُلًا، فَإِنَّ ثَقِيفًا قَوْمٌ مَنَاكِيرُ [١] .

وَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إقَامَتِهِ مِمَّنْ كَانَ مُحَاصَرًا بِالطَّائِفِ عَبِيدٌ، فَأَسْلَمُوا، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(عُتَقَاءُ ثَقِيفٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكَدَّمٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ، قَالُوا: لَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ تَكَلَّمَ نَفَرٌ مِنْهُمْ فِي أُولَئِكَ الْعَبِيدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ، وَكَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ كَلَدَةَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدْ سَمَّى ابْنُ إسْحَاقَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ.

(إطْلَاقُ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ مِنْ يَدِ مَرْوَانَ وَشِعْرُ الضَّحَّاكِ فِي ذَلِكَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَتْ ثَقِيفٌ أَصَابَتْ أَهْلًا لِمَرْوَانَ بْنِ قَيْسٍ الدَّوْسِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ، وَظَاهَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَقِيفٍ، فَزَعَمَتْ ثَقِيفٌ، وَهُوَ الَّذِي تَزْعُمُ بِهِ ثَقِيفٌ أَنَّهَا مِنْ قَيْسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَرْوَانَ بْنِ قَيْسٍ: خُذْ يَا مَرْوَانُ بِأَهْلِكَ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنْ قَيْسٍ تَلْقَاهُ، فَلَقِيَ أُبَيَّ بْنَ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيَّ، فَأَخَذَهُ حَتَّى يُؤَدُّوا إلَيْهِ أَهْلَهُ، فَقَامَ فِي ذَلِكَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ، فَكَلَّمَ ثَقِيفًا حَتَّى أَرْسَلُوا أَهْلَ مَرْوَانَ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ أُبَيَّ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ فِي شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ:


[١] مَنَاكِير: ذوى دهاء وفطنة.