للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا [١]

زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفُ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ [٢]

شُمُّ الْعَرَانِينِ أَبْطَالُ لَبُوسُهُمْ ... مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ [٣]

بِيضٌ سَوَابِغُ قَدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ ... كَأَنَّهَا حَلَقُ الْقَفْعَاءِ مَجْدُولُ [٤]

لَيْسُوا مَفَارِيحَ إنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمْ ... قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إذَا نِيلُوا [٥]

يَمْشُونَ مَشْيَ الْجِمَالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ ... ضَرْبٌ إذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ [٦]

لَا يَقَعَ الطَّعْنُ إلَّا فِي نُحُورِهِمْ ... وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ [٧]


[١] الْعصبَة: الْجَمَاعَة ويروى: «فِي فتية» جمع فَتى، وَهُوَ السخي الْكَرِيم. وزولوا: فعل أَمر من زَالَ التَّامَّة، أَي تحولوا وانتقلوا من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة.
[٢] الأنكاس: جمع نكس (بِالْكَسْرِ) وَهُوَ الرجل الضَّعِيف. والكشف (بِضَم فَسُكُون وحرك للشعر) :
جمع أكشف، وَهُوَ الّذي لَا ترس مَعَه، أوهم الشجعان الَّذين لَا ينكشفون فِي الْحَرْب، أَي لَا ينهزمون والميل:
جمع أميل، وَهُوَ الّذي لَا سيف لَهُ أَو هُوَ الّذي لَا يحسن الرّكُوب فيميل عَن السرج. والمعازيل الَّذين لَا سلَاح مَعَهم واحدهم معزال (بِكَسْر الْمِيم) .
[٣] شم، جمع أَشمّ، وَهُوَ الّذي فِي قَصَبَة أَنفه علو، مَعَ اسْتِوَاء أَعْلَاهُ. والعرانين: جمع عرنين، وَهُوَ الْأنف. وَصفهم بِهَذَا الْوَصْف إِمَّا على الْحَقِيقَة لِأَن ارْتِفَاع الْأَنْفس من الصِّفَات المحمودة فِي خلق الْإِنْسَان، وَإِمَّا على الْمجَاز، يُرِيد ارْتِفَاع أقدارهم، وعلو شَأْنهمْ. واللبوس: مَا يلبس من السِّلَاح. ونسج دَاوُد: أَي أَي منسوجه، وَهُوَ الدروع والهيجا (بِالْقصرِ هُنَا) : الْحَرْب. والسرابيل: جمع سربال، وَهُوَ الْقَمِيص أَو الدرْع. ووصفها بِأَنَّهَا من نسج دَاوُد دَلِيل على مناعتها.
[٤] بيض: مجلوة صَافِيَة مصقولة، لِأَن الْحَدِيد إِذا اسْتعْمل لم يركبه الصدأ. والسوابغ: الطوَال السوابل، وَيلْزم من طول الدروع قُوَّة لابسيها، إِذْ حملهَا مَعَ طولهَا يدل على الْقُوَّة والشدة. وَشَكتْ: أَدخل بَعْضهَا فِي بعض، ويروى: «سكت» بِمَعْنى ضيقت. والقفعاء: ضرب من الحسك، وَهُوَ نَبَات لَهُ شوك ينبسط على وَجه الأَرْض، تشبه بِهِ حلق الدروع. ومجدول: مُحكم الصَّنْعَة.
[٥] مفاريح: كثير والفرح. ونالوا: أَصَابُوا. ومجازيع: كثير والجزع. ويروى: «لَا يفرحون.... إِلَخ» .
[٦] الزهر: الْبيض. يصفهم بامتداد الْقَامَة، وَعظم الْخلق، والرّفق فِي الْمَشْي، وَبَيَاض الْبشرَة، وَذَلِكَ دَلِيل على الْوَقار والسؤدد. ويعصمهم: يمنعهُم. وعرد: فر وَأعْرض عَن قرنه وهرب عَنهُ.
والتنابيل: جمع تنبال، وَهُوَ الْقصير
[٧] وُقُوع الطعْن فِي نحورهم: دَلِيل على أَنهم لَا ينهزمون حَتَّى يَقع الطعْن فِي ظُهُورهمْ. وحياض الْمَوْت:
موارد الحتف، يُرِيد بهَا ساحات الْقِتَال. وتهليل: تَأَخّر. ويروى «فَمَا لَهُم عَن حياص الْمَوْت» بالصَّاد الْمُهْملَة، جمع حوص بِمَعْنى مضايقه وشدائده.
٣٣- سيرة ابْن هِشَام- ٢