للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ ضَيْغَمٍ بِضَرَاءِ الْأَرْضِ مُخْدَرُهُ ... فِي بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ [١]

يَغْدُو فَيُلْحِمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُمَا ... لَحْمُ مِنْ النَّاسِ مَعْفُورٌ خَرَادِيلُ [٢]

إذَا يُسَاوِرُ قِرْنًا لَا يَحِلُّ لَهُ ... أَنْ يَتْرُكَ الْقِرْنَ إلَّا وَهُوَ مَفْلُولُ [٣]

مِنْهُ تَظَلُّ سِبَاعُ الْجَوِّ نَافِرَةً ... وَلَا تَمَشَّى بِوَادِيهِ الْأَرَاجِيلُ [٤]

وَلَا يَزَالُ بِوَادِيهِ أَخُو ثِقَةٍ ... مُضَرَّجُ الْبَزِّ وَالدُّرْسَانِ مَأْكُولُ [٥]

إنَّ الرَّسَولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ [٦]


[١] ضيغم: أَسد. وضراء الأَرْض: الأَرْض الَّتِي فِيهَا شجر. والمخدر: غابة الْأسد. وعتر (بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْمُثَلَّثَة) : اسْم مَكَان مَشْهُور بِكَثْرَة السبَاع. والغيل: الشّجر الْكثير الملتف. وغيل دونه غيل: أَي أجمة تَقربهَا أجمة أُخْرَى، فَتكون أسدها أَشد توحشا، وَأقوى ضراوة. يُرِيد أَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهيب من أسود عثر فِي آجامها. وَفِي رِوَايَة «من خادر» . والخادر: الْأسد الدَّاخِل فِي خدره، وَهُوَ حِينَئِذٍ يكون أَشد قُوَّة وبأسا.
[٢] يَغْدُو: يخرج فِي أول النَّهَار يتطلب صيدا لشبليه. وَفِي رِوَايَة: «يغذو» بِالذَّالِ: أَي يطعم.
ويلحم: يطعمهما اللَّحْم. والضرغام: الْأسد. وَيُرِيد بالضرغامين شبليه. ومعفور: ملقى فِي العفر، وَهُوَ التُّرَاب. وَوَصفه بذلك لكثرته وَعدم اكتراثه بِهِ لشبعه. وخراديل: قطع صغَار. يصف هَذَا الْأسد بِكَثْرَة الافتراس، وَعظم الِاصْطِيَاد.
[٣] يساور: يواثب. والقرن (بِكَسْر الْقَاف) : المقاوم فِي الشجَاعَة. وَفِي ذكر الْقرن إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْأسد لَا يساور ضَعِيفا وَلَا جَبَانًا، وَإِنَّمَا يساور مقاومه فِي الشجَاعَة، ومساويه فِي الْقُوَّة. والمفلول:
المكسور الْمَهْزُوم.
[٤] الجو: اسْم مَوضِع، أَو هُوَ مَا اتَّسع من الأودية، أَو مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. ونافرة: بعيدَة، ويروى: «ضامزة» والضامز: الّذي يمسك جرته بِفِيهِ وَلَا يجتر. ويروى «ضامرة» أَي جياعا لعدم قدرتها على الِاصْطِيَاد. والأراجيل: الْجَمَاعَات من الرِّجَال، وَهُوَ جمع أرجال، وأرجال: جمع رجل، وَرجل:
اسْم جمع لراجل، يصف هَذَا الْأسد بِالْقُوَّةِ، حَتَّى خافته السبَاع وَالنَّاس.
[٥] أَخُو ثِقَة: الشجاع الواثق بشجاعته. ومضرج: مخضب بالدماء. ويروى: «مطرح» ، أَي مطروح. والبز: السِّلَاح والدرسان (بِضَم الدَّال) : أَخْلَاق الثِّيَاب الْوَاحِد دريس ومأكول: أَي طَعَام لذَلِك الْأسد. يُرِيد أَنه لَا يمر بوادي هَذَا الْأسد شُجَاع إِلَّا أكله وَطرح ثِيَابه الَّتِي مزقها، فَلَا يولع إِلَّا بالشجعان، وَلَا يلْتَفت لغَيرهم.
[٦] يستضاء بِهِ: يهتدى بِهِ إِلَى الْحق. ويروى: «لسيف» فِي مَكَان «لنُور» وَقد كَانَت عَادَة الْعَرَب إِذا أَرَادوا استدعاء من حَولهمْ من الْقَوْم أَن يشهروا السَّيْف الصَّقِيل، فيبرق، فَيظْهر لمعانه من بعد فَيَأْتُونَ إِلَيْهِ، مهتدين بنوره، مؤتمين بهداه. شبه الرَّسُول بذلك. والمهند: السَّيْف المطبوع فِي الْهِنْد، وسيوف الْهِنْد قَدِيما أحسن السيوف. وَمن سيوف الله: أَي من سيوف عظمها الله بنيل الظفر والانتقام والمسلول: الْمخْرج من غمده.