للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ شَعَارُ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ:

يَا مَنْصُورُ، أَمِتْ أَمِتْ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِهِمْ، قَدْ جَمَعَ سِلَاحَهُ، يَرْتَجِزُ وَهُوَ يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبْ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبْ [١]

أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبْ ... إذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَحَرَّبْ [٢]

إنَّ حِمَايَ لِلْحِمَى لَا يُقَرَّبْ [٣]

وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، فَقَالَ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي كَعْبُ ... مُفَرَّجُ الْغَمَّى جَرِيءٌ صُلْبُ [٤]

إذْ شَبَّتْ الْحَرْبُ تَلَتْهَا الْحَرْبُ ... مَعِي حسام كالعقيق غضب [٥]

نَطَؤُكُمْ حَتَّى يَذِلَّ الصَّعْبُ ... نُعْطِي الْجَزَاءَ أَوْ يَفِيءَ النَّهْبُ

بِكَفِّ مَاضٍ لَيْسَ فِيهِ عَتْبُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي كَعْبُ ... وَأَنَّنِي مَتَى تُشَبُّ الْحَرْبُ

مَاضٍ عَلَى الْهَوْلِ جَرِيءٌ صُلْبُ ... مَعِي حُسَامٌ كَالْعَقِيقِ عَضْبُ

بِكَفِّ مَاضٍ لَيْسَ فِيهِ عَتْبُ ... نَدُكُّكُمْ حَتَّى يَذِلَّ الصَّعْبُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَمَرْحَبٌ مِنْ حِمْيَرَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لِهَذَا؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا وَاَللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قُتِلَ أَخِي بِالْأَمْسِ، فَقَالَ: فَقُمْ إلَيْهِ،


[١] شاكي السِّلَاح: حاد السِّلَاح.
[٢] تحرب: أَي مغضبة.
[٣] زَادَت (أ) بعد هَذَا الشّطْر:
يحجم عَن صولتي المجرب
[٤] الغمى: الكرب والشدة.
[٥] شبت الْحَرْب: أثيرت. والعقيق: شُعَاع الْبَرْق، شبه السَّيْف بِهِ.