للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَهُ بِكُلِّ إنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ، مِنْ أَوَّلِ سَبْيٍ أُصِيبُهُ، فَرَدُّوا إلَى النَّاسِ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو وَجْزَةَ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ السَّعْدِيُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَارِيَةً، يُقَالُ لَهَا رَيْطَةُ بِنْتُ هِلَالِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرَةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ نَاصِرَةَ بْنِ قُصَيَّةَ [١] بْنِ نَصْرِ ابْن سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَأَعْطَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَارِيَةً، يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ حَيَّانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَيَّانَ، وَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَارِيَةً، فَوَهَبَهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ابْنِهِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثْتُ بِهَا إلَى أَخْوَالِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ، لِيُصْلِحُوا لِي مِنْهَا، وَيُهَيِّئُوهَا، حَتَّى أَطُوفَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ آتِيَهُمْ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُصِيبَهَا إذَا رَجَعْتُ إلَيْهَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغْتُ، فَإِذَا النَّاسُ يَشْتَدُّونَ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: رَدَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقُلْتُ: تِلْكُمْ صَاحِبَتُكُمْ فِي بَنِي جُمَحٍ، فَاذْهَبُوا فَخُذُوهَا، فَذَهَبُوا إلَيْهَا، فَأَخَذُوهَا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمَّا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَأَخَذَ عَجُوزًا مِنْ عَجَائِزِ هَوَازِنَ، وَقَالَ حِينَ أَخَذَهَا: أَرَى عَجُوزًا إنِّي لَأَحْسِبُ لَهَا فِي الْحَيِّ نَسَبًا، وَعَسَى أَنْ يَعْظُمَ فِدَاؤُهَا. فَلَمَّا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبَايَا بِسِتِّ فَرَائِضَ، أَبَى أَنْ يَرُدَّهَا، فَقَالَ لَهُ زُهَيْرٌ أَبُو صُرَدٍ: خُذْهَا عَنْك، فو الله مَا فُوهَا بِبَارِدِ، وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدِ، وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدِ، وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدِ [٢] ، وَلَا دَرُّهَا بِمَاكِدِ [٣] . فَرَدَّهَا بِسِتِّ فَرَائِضَ حِينَ قَالَ لَهُ زُهَيْرٌ مَا قَالَ، فَزَعَمُوا أَنَّ عُيَيْنَةَ لَقِيَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَشَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّكَ وَاَللَّهِ مَا أَخَذْتهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً [٤] ، وَلَا نَصَفًا وَثِيرَةً [٥] .


[١] قصية: يرْوى بِفَتْح الْقَاف وَضمّهَا، وَرَوَاهُ ابْن دُرَيْد بفاء مَضْمُومَة. (رَاجع شرح أبي ذَر) .
[٢] بواجد: أَي بحزين، يُرِيد أَن زَوجهَا لَا يحزن عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا عَجُوز.
[٣] الدّرّ: اللَّبن. والماكد: الغزير.
[٤] الغريرة: المتوسطة فِي السن من النِّسَاء.
[٥] الوثيرة من النِّسَاء: السمينة اللينة.