للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلَا هَلْ أَتَى بَحْرِيَّنَا صُنْعُ رَبِّنَا ... عَلَى نَأْيِهِمْ وَاَللَّهُ بِالنَّاسِ أَرْوَدُ [١]

فَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ الصَّحِيفَةَ مُزِّقَتْ ... وَأَنْ كُلُّ مَا لَمْ يَرْضَهُ اللَّهُ مُفْسَدُ

تُرَاوِحُهَا إفْكٌ وَسِحْرٌ مُجَمَّعٌ ... وَلَمْ يُلْفَ سِحْرٌ آخِرَ الدَّهْرِ يَصْعَدُ

تَدَاعَى لَهَا مَنْ لَيْسَ فِيهَا بِقَرْقَرٍ [٢] ... فَطَائِرُهَا فِي رَأْسِهَا يَتَرَدَّدُ [٣]

وَكَانَتْ كِفَاءً رَقْعَةٌ بِأَثِيمَةٍ ... لِيُقْطَعَ مِنْهَا سَاعِدٌ وَمُقَلَّدُ [٤]

وَيَظْعَنُ أَهْلُ الْمَكَّتَيْنِ فَيَهْرُبُوا ... فَرَائِصُهُمْ مِنْ خَشْيَةِ الشَّرِّ تُرْعَدُ [٥]

وَيُتْرَكُ حَرَّاثٌ يُقَلِّبُ أَمْرَهُ ... أَيُتْهِمُ فِيهِمْ [٦] عِنْدَ ذَاكَ وَيُنْجِدُ [٧]

وَتَصْعَدُ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ كَتِيبَةٌ [٨] ... لَهَا حُدُجٌ [٩] سَهْمٌ وَقَوْسٌ وَمِرْهَدُ [١٠]

فَمَنْ يَنْشَ [١١] مِنْ حُضَّارِ مَكَّةَ عِزُّهُ ... فَعِزَّتُنَا فِي بَطْنِ مَكَّةَ أَتْلَدُ

نَشَأْنَا بِهَا وَالنَّاسُ فِيهَا قَلَائِلُ ... فَلَمْ نَنْفَكِكْ نَزْدَادُ خَيْرًا وَنَحْمَدُ [١٢]


[١] البحري (هُنَا) : من كَانَ هَاجر من الْمُسلمين إِلَى الْحَبَشَة فِي الْبَحْر. وأرود: أرْفق.
[٢] القرقر: اللين السهل. يُرِيد: من لَيْسَ فِيهَا بذليل. وَيجوز أَنه يُرِيد بِهِ: لَيْسَ بِذِي هزل، لِأَن القرقرة: الضحك.
[٣] يُرِيد حظها من الشؤم وَالشَّر. وَفِي التَّنْزِيل: أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ١٧: ١٣.
[٤] الْمُقَلّد: الْعُنُق.
[٥] الفرائص: جمع فريصة، وَهِي بضعَة فِي الْجنب ترْعد إِذا فزع الْإِنْسَان.
[٦] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فِيهَا» .
[٧] الحراث: المكتسب. وأتهم: أَتَى تهَامَة، وَهِي مَا انخفض عَن أَرض الْحجاز إِلَى الْبَحْر. وأنجد:
أَتَى نجدا، وَهِي مَا ارْتَفع عَن أَرض الْحجاز إِلَى الشرق.
[٨] الأخشبان: جبلان بِمَكَّة. والكتيبة: الْجَيْش.
[٩] حدج (بِضَمَّتَيْنِ) : جمع حدج (بِالْكَسْرِ) ، وَهُوَ الْحمل (بِالْكَسْرِ) : أَي أَن يقوم مقَام الْحمل سهم وقوس ومرهد. وَقيل: هُوَ من الحدج بِمَعْنى الحسك، فَجعل السهْم وَغَيره كالحسك.
[١٠] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. وَفِي أ، ط: «مزهد» . قَالَ السهيليّ: « ... ومرهد هَكَذَا فِي الأَصْل بالراء وَكسر الْمِيم، فَيحْتَمل أَن يكون من: رهد الثَّوْب: إِذا مزقه، ويعنى بِهِ رمحا أَو سَيْفا، وَيحْتَمل أَن يكون من الرهيد، وَهُوَ الناعم، أَي ينعم صَاحبه بالظفر، أَو ينعم هُوَ بِالريِّ من الدَّم. وَفِي بعض النّسخ (مزهد) بِفَتْح الْمِيم، والزاى، فَإِن صحت الرِّوَايَة بِهِ، فَمَعْنَاه: مزهد فِي الْحَيَاة وحرص على الْمَمَات» .
وَقَالَ أَبُو ذَر: «ومرهد: رمح لين. وَمن رَوَاهُ: فرهد، فَمَعْنَاه: الرمْح الّذي إِذا طعن بِهِ وسع الْخرق.
وَمن رَوَاهُ: مزهد، بالزاء، فَهُوَ ضَعِيف لَا معنى لَهُ، إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ الشدَّة على معنى الِاشْتِقَاق» .
[١١] كَذَا فِي أ، ط. أَرَادَ: ينشأ، فَحذف الْهمزَة. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ينسى» . بِالسِّين الْمُهْملَة.
[١٢] كَذَا فِي ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فَلم تنفكك تزداد خيرا وتحمد» .