للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاعْلَمُوا أَنَّ مرّها لنفاد ... الْخلق مَا كَانَ مِنْ جَدِيدٍ وَبَالِي

وَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ على البرّ والتّقوى ... وَتَرْكِ الْخَنَا وَأَخْذِ الْحَلَالِ

وَقَالَ أَبُو قَيْسٍ صِرْمَةُ أَيْضًا، يَذْكُرُ مَا أَكْرَمَهُمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَمَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ نُزُولِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ:

ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ يَلْقَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا [١]

وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ ير من يؤوى وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا

فَلَمَّا أَتَانَا أَظْهَرَ اللَّهُ دِينَهُ ... فَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بطِيبةَ رَاضِيَا

وَأَلْفَى صِدِّيقًا وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ النَّوَى ... وَكَانَ لَهُ عَوْنًا مِنْ اللَّهِ بَادِيَا

يَقُصُّ لَنَا مَا قَالَ نُوحٌ لِقَوْمِهِ ... وَمَا قَالَ مُوسَى إذْ أَجَابَ الْمُنَادِيَا

فَأَصْبَحَ لَا يَخْشَى مِنْ النَّاسِ وَاحِدًا ... قَرِيبًا وَلَا يَخْشَى مِنْ النَّاسِ نَائِيَا [٢]

بَذَلْنَا لَهُ الْأَمْوَالَ مِنْ حِلِّ [٣] مَالِنَا ... وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى والتَّآسِيا [٤]

وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَفْضَلُ هَادِيَا

نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنْ النَّاسِ كلِّهُمْ ... جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا

أَقُولُ إذَا أَدْعُوكَ فِي كُلِّ بَيْعَةٍ: ... تَبَارَكْتَ قَدْ أَكْثَرْتُ لِاسْمِكَ دَاعِيَا [٥]

أَقُولُ إذَا جَاوَزْتُ أَرْضًا مَخُوفَةً ... حَنانَيْكَ لَا تُظْهِرْ عَلَيَّ الْأَعَادِيَا [٦]

فَطَأْ مُعْرِضًا إنَّ الْحُتُوفَ كَثِيرَةٌ ... وَإِنَّكَ لَا تُبْقِي لنَفسك [٧] بَاقِيا [٨]

فو الله مَا يَدْرِي الْفَتَى كَيْفَ يَتَّقِي ... إذَا هُوَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ اللَّهُ وَاقِيَا

وَلَا تَحْفِلُ النَّخْلُ الْمُعِيمَةُ رَبَّهَا ... إذَا أَصبَحت ريّا وأصبحت ثَاوِيَا [٩]


[١] ثوى: أَقَامَ. ومواتيا: مُوَافقا.
[٢] نَائِيا: بَعيدا.
[٣] فِي أ: «جلّ» .
[٤] الوغى: الْحَرْب. والتآسي: التعاون.
[٥] يُرِيد «بالبيعة» : الْمَسْجِد. وَهِي فِي الأَصْل: متعبد النَّصَارَى.
[٦] حنانيك: أَي تحننا بعد تَحَنن، والتحنن: الرأفة وَالرَّحْمَة.
[٧] فِي أ: «بِنَفْسِك» .
[٨] فطأ معرضًا: أَي متسعا. والحتوف: أَسبَاب الْمَوْت وأنواعه.
[٩] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. والمعيمة: العاطشة. وَفِي أ: «المقيمة» وريا: مروية. وثاويا:
مُقيما. ويروى: «تاويا» : أَي هَالكا.