قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ٣: ١٦٩ فَقَالَ: أَمَا إنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْهَا فَقِيلَ لَنَا: إنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ إخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَيَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ اطِّلَاعَةً فَيَقُولُ: يَا عِبَادِي، مَا تَشْتَهُونَ فَأَزِيدَكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ رَبَّنَا لَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتنَا، الْجَنَّةُ [١] نَأْكُلُ مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا! قَالَ: ثُمَّ يَطَّلِعُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اطِّلَاعَةً، فَيَقُولُ: يَا عِبَادِي، مَا تَشْتَهُونَ، فَأَزِيدَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتنَا، الْجَنَّةُ نَأْكُلُ مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا! قَالَ: ثُمَّ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ اطِّلَاعَةً، فَيَقُولُ:
يَا عِبَادِي، مَا تَشْتَهُونَ فَأَزِيدَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتنَا، الْجَنَّةُ نَأْكُلُ مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا. إلَّا أَنَّا نُحِبُّ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا، ثُمَّ نُرَدُّ إلَى الدُّنْيَا، فَنُقَاتِلُ فِيكَ، حَتَّى نُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ يَا جَابِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: إنَّ أَبَاكَ حَيْثُ أُصِيبَ بِأُحُدٍ أَحْيَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا تُحِبُّ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟ قَالَ:
أَيْ رَبِّ، أُحِبُّ أَنْ تَرُدَّنِي إلَى الدُّنْيَا فَأُقَاتِلَ فِيكَ، فَأُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُفَارِقُ الدُّنْيَا يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُرَدَّ إلَى الدُّنْيَا، فَيُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى.
[١] قَالَ أَبُو ذَر فِي التَّعْلِيق على هَذِه الْعبارَة «يرْوى هُنَا بالخفض وَالرَّفْع، وبخفض الْجنَّة على الْبَدَل من (مَا) فِي قَوْله (مَا أَعطيتنَا) ورفعها على خبر مبتدإ مُضْمر، تَقْدِيره: الْجنَّة، أَو هِيَ الْجنَّة» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute