للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصِرُّون على التخلُّف عن الجماعة.

وأمَّا قولكم: «إنَّ الحديث يدلُّ على عدم وجوب الجماعة؛ لكونه همَّ بتركها» فممَّا لا يُلْتَفت إليه. ولا يُظَنُّ برسول الله أنَّه يهمُّ بعقوبة طائفةٍ من المسلمين بالنَّار، وإحراق بيوتهم لتركهم (١) سُنَّةً لم يوجبها الله عليهم ولا رسوله . وهو لم يخبر أنَّه كان يصلِّي وحده، بل كان يصلِّي جماعةً هو وأعوانه الذين ذهبوا معه إلى تلك البيوت.

وأيضًا فلو صلَّاها وحده لكان هناك واجبان. واجبُ الجماعة، وواجبُ عقوبة العُصاة وجهادهم؛ فتَرَكَ أدنى الواجِبَيْن لأعلاهما، كالحال في صلاة الخوف.

وأمَّا قولكم: «إنَّه إنَّما هَمَّ بعقوبتهم على نفاقهم (٢)، لا على تخلُّفهم عن الجماعة» فهذا يستلزم محذُوْرَيْن (٣): إلغاء ما اعتبره رسول الله وعلَّق الحكم به، من التخلُّف عن الجماعة.

والثَّاني: اعتبار ما ألغاه؛ فإنَّه لم يكن يعاقب المنافقين على نفاقهم؛ بل كان يقبل منهم علانيتهم، ويَكِلُ سرائرَهم إلى (٤) الله.


(١) ض وس: «بتركهم».
(٢) س: «على اتفاقهم»!
(٣) هـ وط: «محظورين». وفي س زيادة بعده: «اثنين».
(٤) ض: «أسرارهم .. ». ط: « .. على».

<<  <  ج: ص:  >  >>