للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال الشَّاعر (١):

كانت هي الوسط المحْمِي فاكتَنَفَتْ … بها الحوادث حتَّى أصبحَتْ طَرَفَا

فقد اتَّفق شرع الرَّب تعالى وقدره على أنَّ خيار الأمور أوساطها.

وأمَّا قولهم: إنَّ محبَّة الصَّحابة لرسول الله ولصوته وقراءته يحملهم على احتمال إطالته، فلا يجدون لها مشقَّةً= فلعمر الله (٢) إنَّ الأمر كما ذكروه (٣)، بل حبُّهم له يحملهم على بذل نفوسهم وأموالهم بين يديه، وعلى وقاية نَفْسِه الكريمة بنفوسهم؛ فكانوا يتقدَّمون إلى الموت بين يَدَيْه تقدُّم المحبِّ إلى رضا محبوبه.

ولعمر الله هذا شأن أتباعه من بعده إلى يوم القيامة، لا تأخذهم في متابعة سُنَّته (٤) لومة لائمٍ، ولا يثنيهم (٥) عنها عذْلُ عاذلٍ، فهم يحتملون


(١) البيت لأبي تمَّام وروايته في ديوانه (شرح الصولي ٢/ ٦٧، شرح التبريزي ١/ ٤٢٥)، قال:
كانت هي الوسط الممنوع فاستَلَبَت … ما حولها الخيلُ حتى أصبَحَت طَرَفا

ونسبه إليه على هذا الوجه أبو حيان في البحر المحيط في تفسير قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ … ﴾ وغيره.
(٢) هـ وط: «يجدون بها .. ». س وض: « .. فلعمرو الله». وكذا في الموضع الآتي بعده.
(٣) هـ وط: «ذكروا».
(٤) هـ وط: «يأخذهم .. ». س: « .. سننه». وكذا في الموضع التَّالي بعده.
(٥) ض: «ينهنهم»، ط: «يشنهم». تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>