للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما ذكر عبد الحق الإشبيلي الحديث بالإسناد الأول في "الأحكام الوسطى" ٧/ ٤ قال: إسناده ضعيف اهـ. تعقبه ابن القطان فقال في كتابه "بيان الوهم والإيهام" ٣/ ٥٦٣. كذا أجمل أمره وخشف لم يرو عنه إلا زيد بن جبير، والحجاج ضعيف مدلس وقد تولى الدارقطني تضعيف هذا الحديث ببيان شافٍ، فاعلمه اهـ. وإليك هذا البيان. فإن الدارقطني لما روى المرفوع ٣/ ١٧٣ قال عقبة هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث من وجوه عدة، أحدها أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه بالسند الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه ولا تأويل عليه، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه. وعبد الله بن مسعود أتقى لربه وأشح (١) على دينه من أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يقضي بقضائه، ويفتي هو بخلافه، هذا لا يتوهم مثله على عبد الله بن مسعود، وهو القائل في مسألة وردت عليه، لم يسمع فيها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولم يبلغه عنه فيها قول، أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله ورسوله، وإن يكن خطأ فمني، ثم بلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثلها، فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحًا لم يروه فرح مثله، من موافقة فتياه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن كانت هذه صفته وهذا حاله، فكيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) في "التحقيق" (١٩٥٤) نقل هذا الكلام وفيه "وأخشى بدل وأشح".

<<  <  ج: ص:  >  >>