للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرقة الناجية من فرق المسلمين]

هذه الطائفة ليس لها اختصاص بزمانٍ أو مكان أو جهة علمية كالحديث أو الفقه أو نحوه، إنما جاء في خصائصها أنها متبعة لكتاب الله سبحانه وتعالى ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكل من اعتبر هذين الأصلين ولم يخرج عنهما إلى غيرهما، ولم يتكلف إفساد شيء منهما، فإنه يكون منها؛ فإنه ليس هناك طائفة من طوائف أهل القبلة الخارجة عن السنة والجماعة تعتبر هذين الأصلين.

ويقع عند بعض العلماء الكبار من المحققين المعاصرين أنهم يضيفون -كثيراً-: فهم السلف الصالح، وهذه الإضافة إضافة حسنة في الجملة -ليس المقصود الاعتراض عليها- لكنها ليست شرطاً لابد من ذكره.

فإذا قيل: إن الطائفة الناجية المنصورة إنما هي معتبرة بالكتاب والسنة لكان هذا كافياً.

وقد يقول قائل: إن كثيراً من الفرق الإسلامية تقول: إنها على الكتاب والسنة، ولكن لا أحد منها يقول: إنه على فهم السلف.

فأقول: إن الاستقراء الدقيق لسائر هذه الطوائف بلا استثناء يُعلم به أنه ليس هناك طائفة تعتبر أقوالها بالكتاب والسنة وحدهما؛ إنما يقع أحد أمرين: إما أن هذه الطائفة تجعل مع الكتاب والسنة أصولاً في الاستدلال، وهذا وقعت فيه جمهور الطوائف المخالفة للسنة والجماعة، وإما -وهو حال معتقدي المخالفين من الطوائف- أنهم لم يدخلوا أصولاً في الاستدلال إلا أنهم لا يعتبرون دلالة الكتاب والسنة على الإطلاق، كقولهم أن خبر الآحاد لا يحتج به في الاعتقاد.

قد يقول قائل: إن التفسير لهذا الكلام حقيقته فهم السلف الصالح.

فنقول: نعم، ومن هنا نقول: إن من أضاف هذا القيد فقد أضاف كلاماً حسناً، وكأنه -بحسب الحدود المعروفة في المنطق- قيدٌ بياني؛ وذلك لأن إجماع السلف الصالح لا يخرج عن الكتاب والسنة، فإذا قلت: إن معتبر هذه الطائفة هو الكتاب والسنة فقد أصبت، وإذا قلت: إن معتبرها الكتاب والسنة والإجماع فقد أصبت.

وقد ورد هذا التنوع في كلام السلف من الصحابة والأئمة، فإننا نجد أنهم يذكرون الكتاب والسنة تارة، وتارة يذكرون الكتاب والسنة والهدي أو الإجماع، أو ما إلى ذلك من الأحرف المعبرة عن هذا المعنى الفاضل.

وهذه الطائفة مختصة بهذا الأمر، وهو أنها معتبرة بدليل الكتاب والسنة، وهي الطائفة الناجية -أي: من عذاب الله سبحانه وتعالى- وهي المنصورة، وكأن لفظ النجاة -والله أعلم- إشارة إلى نجاتها في الآخرة، ولفظ النصر إشارة إلى حالها في الدنيا، وكأن هذا هو موجب هذا التعبير وهذا التعبير، وليس هناك اختصاص لهذه الفرقة الناجية عن الطائفة المنصورة أو عكسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>