قال المصنف رحمه الله تعالى:[وتؤمن الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر على درجتين، كل درجة تتضمن شيئين].
هذا الأصل -وهو القدر- هو من أخص أصول الإيمان والتوحيد، فإنه قول في ربوبية الله سبحانه وتعالى، مع ما هو متعلق به من شرعه سبحانه وتعالى الذي هو عبادته وتوحيده، وسوف يأتي في أصول أهل السنة والجماعة ما يبين ذلك.
وفي هذا الأصل ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: أن الخلاف في مسألة القدر إنما وقع في آخر عصر الصحابة، ومن أدرك هذه البدعة من الصحابة كـ عبد الله بن عمر وأمثاله قد تبرءوا من القدرية، حتى إن ابن عمر لما سأله يحيى بن أبي كثير قال:(فإذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني منهم بريء وهم مني براء، والذي يحلف به ابن عمر لا يقبل من أحدهم عمل ولو أنفق مثل أحد ذهباً حتى يؤمن بالقدر)، ومع أن البدعة في القدر ظهرت في آخر عصر الصحابة وبعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين، إلا أن كثيراً من الأقوال البدعية المقولة في القدر لم تظهر إلا بعد انقضاء عصر الصحابة كلياً، بمعنى: أن ما ظهر في آخر عصر الصحابة هو بعض أقوالهم، وأما تفاصيل هذه الأقوال وما قابلها فإنه حدث بعد ذلك، وعليه فإن الحكم الذي قاله من قاله من الصحابة في هؤلاء لا يلزم بالضرورة أن يكون مطرداً في سائر الأقوال التي ظهرت في مسائل القدر.
المسألة الثانية: الأصول المعتبرة عند أهل السنة والجماعة، وعند سلف هذه الأمة في هذا الباب، وهي أصول سبعة، أشار المصنف رحمه الله إلى أكثرها.
المسألة الثالثة: الطوائف المخالفة للسلف في باب القدر، وهم في الجملة طائفتان: قدرية، وجبرية، والقدرية غلاةٌ ودونهم، والجبرية غلاةٌ ودونهم، فهذا في الجملة هو جامع هذه المسألة.