تكلم بعض المتأخرين من أهل السنة في مثل هذه الصفات، فقالوا: إن الكره والسخط والمقت وأمثال هذه الصفات، تعود إلى صفة واحدة من أصول الصفات، فكلها ترجع إلى صفة الغضب أو أمثال ذلك.
وهذا التفصيل فيما أرى ليس له هنا حاجة، والصواب أن تذكر هذه الصفات على وجهها.
أما أن يقال أن سخطه سبحانه وتعالى هو غضبه أو ليس هو إياه، فهذا لا شك أن فيه افتياتاً على النصوص، من جهة التوحيد بين الصفتين.
صحيح أن ثمة قدراً مشتركاً بين صفة السخط وصفة الغضب توجبه اللغة، لكن لا شك أن مدلول السخط في اللغة ليس هو مدلول الغضب.
فالمقصود: أن بعض المتأخرين من أهل السنة قالوا: إن السخط والمقت والأسف وأمثال ذلك تعود إلى صفة واحدة، وهي الغضب، أو ما يقاربها، فجعلوا لجملة من هذه الأفعال أصولاً من الصفات، وهذه الطريقة ليست فاضلة، وكأن فيها أثراً من طريقة متكلمة الصفاتية، الذين أرجعوا جملةً من الصفات إلى صفة الإرادة، فيجب أن تبقى هذه النصوص على ظاهرها، فإذا ذكر الله سخطه، قيل: هذا سخطٌ اتصف الرب سبحانه وتعالى به في هذا المقام، وليس فيه مادة من النقص المنافية للكمال حتى يعاد إلى صفة جامعة له.
وكذلك قوله تعالى:{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ}[غافر:٣٥] والمقت: هو أشد البغض، أو هو درجةٌ من البغض ولكنه من أشده، وكأن السخط والمقت، وإن صح أنها تعود إلى عام، فإنها من البغض، لكنها تكون على معنىً يختص بها، أي أن البغض يكون على درجات، كما أن المحبة عند أهل اللغة وغيرهم درجات، فيكون بعضها أخص من بعض.