الأصل الخامس: الإيمان بعموم حكمة الرب سبحانه وتعالى، وأنه دخل في حكمته ما يتعلق بأفعال العباد، فإن هذه الأحوال التي عليها الناس هي مقتضى حكمة الرب سبحانه وتعالى وعدله وقضائه، وإن كان يقع من الناس ما هو شر وفساد فإن هذا باعتبار مبدئه، أما منتهاه فإنه يكون مطابقاً للحكمة.
وإذا اعتبر الشر والفساد قبل النظر في مبدأ هذا الشر ومنتهاه تعذر على العقل أن يعلم أن هذا من الحكم الفاضلة، لكن إذا اعتُبر مبدؤه من جهة التكليف والتشريع، وتكليف العباد واختبارهم، ومنتهاه من جهة الثواب والعقاب، صار المجموع على وفق الحكمة وعلى وفق العقل.
وهذا معنى قولنا: إن جميع ما يقع في هذا الكون هو مقتضى حكمة الرب سبحانه وتعالى.
والله سبحانه وتعالى منزه عن النقص المنافي للحكمة؛ ولهذا نفى سبحانه وتعالى أن يكون في خلقه شيءٌ خلقه لهواً ولعباً، إنما خلقه سبحانه وتعالى هو من الحكمة التي اقتضاها مقام صفاته سبحانه وتعالى.