قال المصنف رحمه الله:[ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلام عن مواضعه].
(فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه) أي: أن أهل السنة والجماعة لا ينفون صفةً من الصفات قد نطق القرآن بها.
فإن قيل: هل عدم نفيهم لصفة من صفات الله التي نطق القرآن بها هو من باب التسليم المحض، أم أنه من باب التسليم والتحقيق العقلي؟
فالجواب: أن ذلك من باب التسليم ومن باب التحقيق العقلي.
والمراد من ذلك: أنه لا يفهم أن أهل السنة -كما يرميهم مخالفوهم- أثبتوا هذه الأسماء مع أن ظاهرها التشبيه، أو أثبتوا هذه الصفات مع أن ظاهرها التشبيه، أو على طريقة بعض المخالفين تستلزم التشبيه؛ فيدَّعون أن السلف أثبتوها من باب التسليم المحض ومن باب الديانة المحضة.
بل الصواب: أن السلف أثبتوا الأسماء والصفات تسليماً لله سبحانه وتعالى وامتثالاً، وأثبتوا هذه الأسماء والصفات من باب التحقيق العقلي.
ومعنى قولنا:(من باب التحقيق العقلي) أن المعاني التي دلت عليها هذه النصوص يحكم العقل بوجوبها في حق الله سبحانه وتعالى، وأنها في حكم العقل تعد من الكمال.
فإن المذهب عند السلف وإن كان يبنى على التسليم، إلا أنه يقال: ما من صفة من صفات الله نطق القرآن بها وذكرت مضافةً إلى الله إلا علم بحكم العقل أنها صفة كمال تليق بالله سبحانه وتعالى.