قال رحمه الله:[ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ويثلثون بـ عثمان، ويربعون بـ علي رضي الله عنهم].
تواتر عن علي أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، وكان يقول على منبر الكوفة:(لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)، هذا مما تواتر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وحتى لو فرض أنه لم يتواتر عن علي أو لم يصح عنه، فإن الاعتبار ليس بصحة هذا عن علي، فإن علياً ليس هو الحاكم على الحقائق الشرعية، إنما هذا معتبر بأدلة الكتاب والسنة، وبإطباق الصحابة رضي الله تعالى عنهم زمن النبي وبعد زمن النبوة، ولذلك إذا قيل: إن علياً لم يبايع في أول الأمر، قلنا: نعم، علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يبايع في أول الأمر، لكن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لو كانوا يرون أن علياً أفضل أو أن الخلافة في آل البيت أو ما إلى ذلك من المعاني لما بايعوا أبا بكر، فإن أبا بكر ما طلب منهم البيعة بقوة السيف، إنما المسلمون هم الذين قصدوا بيعته، ثم بايعوا من بعده عمر لما جعلها أبو بكر في عمر، ثم بايعوا من بعد عمر عثمان، فكان مستقراً أن أبا بكر أفضل، فلما جاءت الاستشارة وصار عبد الرحمن بن عوف يطوف في المسلمين ثلاثة أيام يستشيرهم في علي وعثمان ..
بعد أن نزلت الخلافة إلى اثنين في قصة الستة الذين جعلها عمر فيهم، استقر الأمر على اثنين، ورضي علي بن أبي طالب بأن يستشير عبد الرحمن بن عوف المسلمين، وكان واثقاً من ابن عوف، وإلا لو لم يثق لما رضي بذلك.
والنتيجة التي حصلت أن أكثر الأصوات -إن صح التعبير- كانت لـ عثمان، مما يدل على أمور:
أولاً: أنه لو كان من فقه المسلمين أن الخلافة في آل البيت لما خالفوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك لا نقول عن علي بن أبي طالب ولا عن غيره أنهم كانوا يصرون على هذه المسألة، إنما كان علي بن أبي طالب قد اشتبه عليه الأمر في أول المقام أنه له في الأمر نصيب، لكنه بعد ذلك رضي وتابع.