الرسل عليهم الصلاة والسلام أخص من الأنبياء، وظاهر القرآن أن كل رسول فإنه نبي، وليس كل نبي رسولاً ..
هذه قاعدة بينة من مجموع النصوص، وأما الفرق بين النبي والرسول، فإن المتأخرين من أهل السنة وغيرهم تكلموا فيه كثيراً، ومن أشهر التفريقات المتداولة في الكتب المتأخرة: أن الرسول من أوحي إليه شرع وأمر بتبليغه، وأن النبي هو من أوحي إليه شرع ولم يؤمر بتبليغه.
وهذا الحد مع شهرته هو من أفسد الحدود، بل إنه مناقض للشرع والعقل، فإن النبي إذا أوحى الله إليه شرعاً فكيف يمكن أن يقال: إنه لم يأمره بتبليغه؟! ومعلوم أن جميع الأنبياء والمرسلين أتوا قومهم بـ (بلغوا عني ولو آية)، فالتبليغ يؤمر به كل من آمن بالله تعالى، حتى العامة، فإنهم مأمورون بالتبليغ بما يقدرون عليه.
والله سبحانه وتعالى ذم الذين كتموا العلم ونبذوه وراء ظهورهم أو لم يبلغوه، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم) كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الصحيح.
ودلالة النبي لا يلزم بالضرورة أن تكون سائرها نزلت بوحي خاص، وإنما عرفها من مجموع رسالته، فإذا كان واجباً عليه الدلالة على أوجه الخير العامة، فما بالك بالوحي الخاص؟
وهذا التعريف لا يعلم من أين دخل على كتب العلماء، والغريب أن ثمة بعض المسائل فيها أقوال مناقضة للشرع ومناقضة للعقل، كما سلف في تعريف التواتر، وأن الحديث المتواتر: هو ما رواه جماعة عن جماعة ..
إلى آخره، وبهذا التعريف لا يكون له مثال من جهة السنة، أي: أن السنة ليس منها شيء متواتر، والنتيجة أن السنة لا يحتج بها في العقائد إلا بحديث أو حديثين أو عشرة.
فمثل هذه الحدود هي من الحدود الباطلة التي دخلت على بعض كتب العلماء.
فإن قيل: فما التحقيق في معرفة الفرق بين النبي والرسول؟
قيل: الذي دلت عليه مجموع النصوص دلالة بينة أن الرسالة أخص من النبوة، وأن كل رسول فإنه نبي، ولا يلزم أن يكون النبي رسولاً.