هذا الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام في بيان الإيمان، وسائر هذه الجمل الشرعية جمل عقدية، فإن الإيمان بالله والملائكة والكتب والقدر واليوم الآخر هي من محل القلب.
ومن هنا ظن كثير من الطوائف -ولا سيما المرجئة- أن الإيمان هو التصديق، وأهل السنة والجماعة لم يذهبوا بعيداً عن هذا الأصل الذي ذكره الشارع؛ فإنهم وإن قالوا: إن الإيمان قول وعمل، فإنهم يقولون: إن أصل الإيمان في القلب.
ولهذا فإن الشارع إذا ذكر الإيمان ومعه التفاصيل التي هي تبع لهذا المعتقد؛ فإنه يذكر الإيمان على جهة الاختصاص، وهذا هو الذي وقع في حديث جبريل عليه السلام؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان هو المعتقد، وجعل الإسلام هو العمل، وهو عليه الصلاة والسلام في حديث عبد القيس فسر الإيمان بما فسر به الإسلام في حديث جبريل عليه السلام.
وهذا أمر يأتي التفصيل فيه، ولكن يقال هنا: إن السلف وإن قالوا: إن الإيمان قول وعمل إلا أنهم لا يختلفون أن أصل الإيمان في القلب، وأن التصديق هو الأصل في هذا الإيمان، وهو التصديق الذي يقع معه إذعان.