ختم المصنف كتابه هذا الذي ذكر فيه جمل الأصول عند أهل السنة والجماعة في أبواب العقائد وأصول الدين، بقوله:[ومن أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء].
وهذا الأصل إنما كان من موارد الإجماع عند السلف؛ لأن النصوص عليه في الكتاب والسنة صريحة، فإن الله ذكر في القرآن قصة أصحاب الكهف، وذكر في القرآن ما كان يحصل لـ مريم عليها السلام من أنواع الكرامة كمجيء رزقها وهي في المحراب حتى قال لها زكريا:{أَنَّى لَكِ هَذَا}[آل عمران:٣٧] وكان متعجباً من هذا الرزق الذي يأتيها {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[آل عمران:٣٧] فمثل هذه الكرامات التي حصلت لأهل الكهف في نومهم وحفظ الله لهم مع نومهم في أبدانهم، ثم ما حصل لـ مريم عليها الصلاة والسلام، وكذلك ما جاء في السنة الصحيحة من إثبات ذلك.
فصار قوم من أهل البدع ينكرون الكرامات، وأخص من أشهر الإنكار لهذه المسألة هم المعتزلة، وشاركهم فيها بعض متكلمة الصفاتية، فصاروا ينكرون كرامات الأولياء.
والكرامة هي أمر خارق للعادة يجريه الله سبحانه وتعالى على يد ولي إما معونةً في أمر ديني وإما معونة في أمر دنيوي، ولا يلزم أن يكون في الأمور الدينية فقط، بل قد يكون في الأمور الدينية وقد يكون في الأمور الدنيوية، وهو في الجملة خارق للعادة الحسية وليس خارقاً للعادة العقلية؛ لأنه لا شيء يخرق العادة العقلية، إنما الخوارق للعادات الحسية فقط، وإن كان هذا الحس قد يحكم الناس عليه بأنه حكم عقلي، والصحيح أنه حكم حسي.