[مفاتيح الغيب]
قال المصنف رحمه الله: [{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:٥٩] ..
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [فاطر:١١]].
مفاتح الغيب فيها قولان لأهل العلم:
القول الأول: أن مفاتح الغيب هي الخمس المذكورة في قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان:٣٤] إلى آخر الآية.
القول الثاني وهو الصواب: أن مفاتح الغيب لا يعلمها إلا الله، وأن هذه الخمس منها، لكن لا يُجزم أن قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام:٥٩] تعلَّق بهذه الخمس وحدها، بل هذه منها، وأما تفصيلها وكمالها وسائر مواردها فالله أعلم به.
[وقوله: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [فاطر:١١]].
هذا مما اختصَّ الله سبحانه وتعالى بعلمه، وهو أنه يعلم ما في الأرحام.
وقد يقول قائل: إن الطب الحديث أصبح يكشف ما في رحم المرأة أهو حي أو ليس حياً، ويكشف ما في رحم المرأة أهو ذكر أو أنثى قبل الولادة.
الجواب: أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الأرحام، و (ما) من صيغ العموم، والطب بحاله الحاضرة أو القديمة أو المستقبلية لا يمكن أن يصل إلى العلم المطلق لما في الأرحام، فعلم من ذلك اختصاص الباري بالعلم المطلق.
والذي يعلمونه إنما هو شيء مشاهد وليس شيئاً غيبياً، ولهذا لا يستطيعون العلم إلا باصطحاب الحس والمشاهدة، وذلك باستخدام وسائل التصوير.
[وقوله: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق:١٢]].
قرن سبحانه وتعالى مسألة القدرة بمسألة العلم، وذلك لأن القدرة فرع عن العلم الذي أحاط الله سبحانه وتعالى به سائر الأشياء، فهو على كل شيء قدير، فقدرته لا تفارق علمه، ومن هنا فإنه على كل شيء قدير وفي نفس الحال بكل شيء عليم.