لكن مع إيمان أهل السنة بها وتصديقهم لما يحصل من ذلك إلا أن هذا ليس من امتياز الأولياء، بمعنى أن الولي لا يعرف بالكرامة، وهي وإن كانت تحصل لمن هو من الأولياء، فهي لا تختص -أعني: الكرامة- بمقامات الأولياء، بحيث أن الولي إذا حصل له كرامة فإنه يعلم بها أنه أفضل من غيره ممن لم تحصل له كرامة ..
بل هي تعرض لبعض الأولياء على ما يشاء الباري سبحانه من الحكمة: قد يكون الأمر تثبيتاً له، وقد يكون نصرةً له ..
الخ، فللكرامة موجبات على حكمة الله، لكن النتيجة من هذا أنها لا توجب الفضل المطلق لهذا الولي على غيره، حتى ولو كثرت كراماته، والآخر لم يشتهر بالكرامات.
الجهة الثانية: أن الكرامات في كلام أهل العلم تتعلق بالأولياء، والولاية -كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- تتفاوت، يقول: فكما أن الإيمان يزيد وينقص، وهناك الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، فكذلك الولاية، فإن الولاية اسم تابع للإيمان، فبقدر تحقيقه للإيمان يكون محققاً للولاية، وكما أنه يحصل له الإيمان مع نقص فيه فكذلك يحصل له الولاية مع نقص فيها؛ لأن الله يقول:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[يونس:٦٢ - ٦٣] فمن حقق الإيمان على التقوى فهو الولي المطلق، والمؤمن المطلق هو الولي، والمؤمن الناقص لا تنفى عنه الولاية، إذ له من الولاية بقدر يناسب إيمان هذا الولي أو هذا المؤمن، وإن كان لا يسمى ولياً بإطلاق، فلا يعني هذا أنه ليس له من الولاية شيء، كما قد يقع في ذهن بعض العامة أن الولي هو درجة من الاختصاص لا يقع اسمها لا مطلقاً ولا مقيداً إلا في حق الخاصة؛ بل الولاية هي ولاية الله، والله يتولى الذين آمنوا {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ}[المائدة:٥٥] فالله يتولى أهل الإيمان على درجاتهم.
لكن الاسم المطلق حينما يقال: إن فلاناً من أولياء الله لا يسمى به إلا من عرف تحقيقه للإيمان ..