قال رحمه الله: [ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: (أذكركم الله في أهل بيتي)].
حديث الغدير هو حديث زيد بن أرقم في الصحيح، وإن كانت الشيعة قد زادت فيه زيادات كثيرة، لكن فيه أن النبي قال:(إني تارك فيكم الثقلين)، وجاءت الرواية:(كتاب الله وأهل بيتي).
فهل كان السياق أن الثقلين هما: الكتاب وآل البيت، أم أن قوله:(وآل بيتي) هذا كان من باب الاستئناف وليس من باب العطف؟ هذه مسألة.
لكن لو فرضنا جدلاً أن الثقلين الذين قصد النبي صلى الله عليه وسلم أنه تركهما هما: كتاب الله وآل البيت، فهذا لا جديد فيه، إذا فسرناه بهذا التفسير أنه ترك فينا ثقلين: كتاب الله وآل البيت، أما كتاب الله فالمقصود من تركه فينا أن يُتدين به، فحق كتاب الله الإيمان به والعمل، وحق آل البيت محبتهم وتوقيرهم والإحسان إليهم ..
وهلم جراً من المسائل المناسبة لهم.
فمن يقول: إن النبي قال: تركت فيكم كتاب الله وآل بيتي، نقول: نعم، هذا وصية من الرسول عليه الصلاة والسلام بكتاب الله ووصية منه بآل البيت، ولا نعترض على هذا، فهذا صحيح، وقد قاله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، وليس حكماً جديداً اختص بغدير خم، فحتى لو لم ينطق به الرسول عليه الصلاة والسلام فهذه الوصية حكمها ثابت في القرآن وفي السنة كثيراً.
فحق القرآن الإيمان به واتباعه والتمسك به، وأما آل البيت فإما أن يكون المقصود:(وآل بيتي) أي: تمسكوا بشريعتهم، واتبعوهم، وهذا غير ممكن، فلا يمكن أن نتبع كل واحد من آل البيت، وفيهم الفقيه وغير الفقيه، والسني وغير السني، وفيهم المؤمن والعلماني، فالإسلام ليس عائلةً معينة، والأشياء المكتسبة جعلها الإسلام شورى، الملك جعله الإسلام شورى، وهو قضية مكتسبة، وقد أجمع السلف على أن من غلب بقوة السيف، واستقر له الأمر؛ أصبح إماماً تجب طاعته، فكيف في مسألة النبوة؟
وقوله:(أذكركم الله في آل بيتي) كان من باب التأكيد على حق آل بيته عليه الصلاة والسلام، وأنه يجب برهم، وليس فيه أن لهم الخلافة أو أنهم يقدمون أو ما إلى ذلك.