[أ] ما وجه الغرابة في كثرة رواية سيدنا أبي هريرة، مع حداثة صحبته بالنسبة لغيره، مع أن الثلاث السنين ليست بالزمن القصير في عمر الصحبة؟ وليس ذلك ببدع في العقل ولا العادة، فكم من شخص قد يجمع في الزمن القليل ما لا يجمعه غيره في أضعافه، والذكاء والإقبال على العلم والتفرغ من الشواغل الدنيوية، كل ذلك يساعد على الإكثار من الجمع والتحصيل، وإنا لنجد في عصورنا المتأخرة بعض التلاميذ والمريدين الذين لازموا أساتذتهم وشيوخهم مدة وجيزة، يقيدون عنهم الكتب والمجلدات ويحفظون عن ظهر قلب من كلامهم ما يربو على ما حفظه أبو هريرة عن رسول الله، وذلك على فرق ما بين عصرنا وعصرهم، وما بينهم وبين أبي هريرة من جهة التفرغ والاستعداد وتكاليف الحياة.
وأحب أن لا يعزب عن بالنا أن هذه الخمسة الآلاف والثلثمائة والأربعة والسبعون حديثًا الكثير منها لا يبلغ السطرين أو الثلاثة، ولو جمعت كلها لما زادت