«أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ» قَالَ [ابْنُ عُمَرَ]: فَوَهَلَ النَّاسُ - أي غلط - فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنما أراد انخرام الجيل أي انتهاءه، وفي الحديث الصحيح اَيْضًا أن رجلا سأل النَّبِي: متى تقوم الساعة؟ وكان النَّبِي مشتغلا بحديثه، فلما فرغ منه قال:«أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» فَقَالَ الرَّجُلُ: وَكَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ فَقَالَ:«إِذَا وُسَّدَ الأَمْرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». فالمراد بالساعة هنا ساعة الأمم وهي ساعة هلاكها حينما لا تأخذ بأسباب القوة والعزة والبقاء، وقد عرض هذا الحديث لِنَظَرِيَّةٍَ من أهم نظريات علم الاجتماع وهكذا يَتَبَيَّن لنا أن من رماهم بأنهم عُبَّادُ الأَسَانِيدِ - يريد أئمة الحديث - هم أرحب عقلاً، وأوسع أُفُقًا منه ومن أمثاله عُبَّادُ الشَّيَاطِينِ، وأسراء الأهواء، والدرهم والدينار، وصنائع أعداء الله ورسوله.
ثم قال: نكتفي بما أوردناه، وهناك أحاديث أكثر شناعة، تركناها خشية الإطالة، وللإمام الطحاوي كتاب كبير في أربعة مجلدات في مشكل الحديث فليرجع إليه من أراده.
أقول: نعم ليرجع من يشاء إلى كتاب الطحاوي ليرى كيف يكون مسلك العلماء الراسخين في فهم الأحاديث التي ظاهرها مشكل، وكيفية فهمهم لها، وتوقيرهم للحديث وأهله، وتأدبهم مع السلف الصالح وليرى اَيْضًا فرق ما بين العلماء وأدعياء العلم، وطلاب الحقيقة، وطلاب الجاه الكاذب، والسراب الخادع.
أَحَادِيثُ المَهْدِيِّ المُنْتَظَرِ:
قال في [ص ٢٠٩]: ومن المشكلات تلك الأحاديث التي جاءت في المهدي وهو عند أَهْلِ السُنَّةِ محمد بن عبد الله، وفي رواية: أحمد بن عبد الله، والشيعة الإمامية متفقون على أنه محمد بن الحسن العسكري من الأئمة المعصومين ويلقبونه بِالحُجَّةِ، والقائم المنتظر.