فلو كان الأمر كما فهم أَبُو رَيَّةَ صاحب المنطق المعكوس، والفهم السقيم لعاد ذلك بالتنقيص على هؤلاء جميعًا، ثم من قال: إن كل من لم يستشرهم الفاروق ليسوا من أهل العلم والفقه، والرأي والنصيحة؟! إن هذا الاستنتاج الخاطئ لو صح لعاد ذلك بالطعن على جمهور الصحابة، ثم ألأجل أن ينال من أبي هريرة يركب هذا المركب الصعب، ويسلك هذا المسلك الملتوي في الفهم والاستنتاج؟! أغيثونا يا أهل الإنصاف من هذا الغثاء والهراء.
ذِكْرُهُ بَعْضَ الأَحَادِيثِ المُشْكِلَةِ:
في [ص ٢٠٧] ذكر عنوان «أحاديث مشكلة» وقد ذكر أحاديث بعضها مرفوع، وبعضها موقوف، وبعضها صحيح لا شك فيه ولكنه استشكلها، وبعضها غير صحيح والأقرب أن تكون من الإسرائيليات أو الموضوعات.
وقبل أن أجيب عن هذه الأحاديث أقول:
من عجيب أمر هذا المؤلف أنه يتلقف الإشكالات ويزيدها استشكالاً، ويأبى عليه سوء مقصده أن يذكر ولو بعض ما ذكره العلماء الأثبات في رد هذه الاستشكالات ولا سيما ما يتعلق منها بالأحاديث الصحيحة المروية في " الصحيحين " أو أحدهما.
وأمره لا يخلو من أمرين أحدهما: لأنه إما أن يكون لم يطلع على ما كتبه الأئمة الشراح للأحاديث في هذا وهو تقصير وجهل! وإما أن يكون اطلع عليها ورأى أنها لا تسعفه بل وترد عليه فيما يهدف إليه من تقليل الثقة بِالسُنَّةِ ورجالاتها فآثر طيها، وهذا خيانة وتلبيس! وهذا وذاك مِمَّا ينأى به عن أن يكون بَاحِثًا وَمُنْصِفًا.
وقد دأب المؤلف على تلقف المشاكل والطعون، والعمل جَادًّا على النفخ فيها حتى يصير من الحبة قبة ولكنها لا تلبث أمام البحث العلمي الأصيل أو تزول كما تزول الفقاقيع من على وجه الماء، ولم يخطر بباله أن يشذ ولو مرة فيذكر بعض المحاسن - وما أكثرها - للحديث ورجاله، وفي السُنَّةِ ألوف الأحاديث التعليمية،