للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا ثبتت عدالة الرواي، وضبطه ثبت أنه ثقة تجب الطمأنينة إليه ويترجح تَرَجُّحًا قَوِيًّا جانب الصواب على جانب الخطأ في مروياته وليس بعد ترجح جانب الإصابة وتحقق الطمأنينة إليه إِلاَّ قبول مروياته والثقة بها، وهكذا يَتَبَيَّنُ لنا أنه بعد تحقق هذه الشروط يصير احتمال الكذب أو الغلط احتمالاً بعيدًا جِدًّا إن لم يكن غير ممكن ولا يخالجنا شك أنه من أهل الصدق والأمانة.

وبالعدالة والضبط يحوز الراوي درجة القبول ويتهيأ مرويه للنظر فيه هل توفرت فيه شروط القبول؟ ويتأهل إسناده للبحث عنه من جهة الاتصال والانقطاع.

فإذا سلم المتن من الشذوذ والعلة بحيث لا يخالف الثقة من هو أوثق منه، وبحيث يسلم المَرْوِيُّ من قادح خفي تظهر السلامة منه فإنه ينظر في الإسناد فإن تحقق اتصال الإسناد، وسلامته من الخلل وانتفى عنه التعليق والإرسال والانقطاع والإعضال والتدليس والاضطراب ومخالفة الأرجح عَدَدًا أو صفة كان المتن أهلا للقبول وترجحت نسبته إلى من عزى إليه.

ومن ثم يظهر لنا جَلِيًّا أن الشروط التي وضعها المُحَدِّثُونَ للراوي والمروي والرواية توجب الطمأنينة وترجح جانب الصدق على جانب الكذب، وجانب الصواب على جانب الغلط أو الخطأ، وتؤكد ثبوت المروي عمن روى عنه وهو أمر لا تكاد تجده في أمة من الأمم ولا في فن من الفنون. (١)

مُحَاوَلَةُ أَبِي رَيَّةَ التَّشْكِيكَ فِي الرِّوَايَاتِ الآحَاِدَّيِة بَلْ وَالمُتَوَاتِرَةِ:

في [ص ٢٤٠ - ٢٤٣] عرض لتقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد وأكثر من النقل في هذا وصار يبدئ ويعيد في تعريفهما وما الذي يفيدانه؟ وهل يجب العمل بهما؟ وغرضه من ذلك التشكيك في رواية الآحاد وأنها لا تفيد إِلاَّ الظن، والظن لا يغني عن الحق شيئًا، بل حاول التشكيك في الخبر المتواتر وإفادته للعلم واليقين حيث قال في [ص ٢٤٠ هامش]: «ولم يسلم المتواتر من شبه على إفادته علم اليقين،


(١) " الموجز في علوم الحديث ": ٤٢ - ٥٥.

<<  <   >  >>