للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ -: «وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ» سر عظيم قد كشف عنه الطب الحديث، ذلك أن أعصاب الإحساس إنما تكون في الجلد فكلما عظم الجلد واتسع زاد الإيلام، وفي هذا شاهد من شواهد النبوة {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (١). وإلا فمن أعلم بأسرار هذا، وهو أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، ولم يكن مِمَّنْ يتعاطى صنعة الطب، ولا كان أحد من معاصريه الأطباء يدرك هذه الأسرار؟

حَدِيثُ الذُّبَابِ وَبَيَانُ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ نَبَوِيَّةٌ:

قال: وروى " البخاري " و" ابن ماجه " عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الآخَرِ دَاءً» وقد علق في الحاشية بما سَمَّاهُ «معركة الذباب» بين مجلة " لواء الإسلام " و" مجلة الدكتور " وانتصر فيها لـ " مجلة الدكتور " وأنحى باللائمة والتثريب على المُصَحِّحِينَ لهذا الحديث ونبزهم بالألقاب.

وإليك مفصل الحق في هذا الحديث الذي ثارت حوله العجاجة والخصومات بين المُثْبِتِينَ وَالنَّافِينَ، وقد كنت عنيت بالكتابة في هذا الحديث وَرَدِّ الشُّبَهِ الواردة عليه في كتابي الذي نلت به درجة الأستاذية (٢) وهو " الوَضْعُ فِي الحَدِيثِ وَرَدِّ شُبَهِ المُسْتَشْرِقِينَ وَالكُتَّابِ المُعَاصِرِينَ " وَقَدْ وَجَّهَتْ إِلَيَّ «الإذاعة السعودية» في أول عهدها سؤالاً عن هذا الحديث وَرَدَ إليها من أحد المستمعين وكنت إبانها مبعوث الأزهر الشريف للتدريس بالبلد الحرام «مكة» وإصلاح مناهج التعليم، وهاك خلاصة ما كتبته في كتابي وأذعته.

قلت بعد أن بَيَّنْتُ مَنْزِلَةَ السُنَّةِ من الكتاب وعناية الأُمَّةِ الإسلامية بها عناية فائقة، وأن المُحَدِّثِينَ بلغوا الغاية في نقد السند، وعنوا بنقد المتن ولكن لم يبالغوا في نقد المتن مبالغتهم في نقد السند، لاعتبارات شريفة أفضت في الكلام عنها في هذا الكتاب:


(١) [سورة النجم، الآيتان: ٣، ٤].
(٢) كان ذلك عام ١٣٦٥ هـ وعام ١٩٤٦ م.

<<  <   >  >>