للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول:

أما كلمة الأوزاعي فمعارضته بما قدمته من لعن الإمام من خالف حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبما ثبت من رجوعه عن رأيه إذ ثبت حديث يخالف ما رأى، أما المخالفة فمعناها اختلاف الأنظار في صلاحية الحديث للاحتجاج أو لاعتبارات أخرى كما قدمت آنِفًا، ومهما يكن من شيء فليس فيما حشده من نقول بتراء محرفة ما يشهد لما قصده من الطعن في الأحاديث الآحادية وأنها لا تفيد إِلاَّ الظن، ولا لما أراد أن يصل إليه من أنه لا على أحد أن يأخذ منها ما يشاء ويدع ما يشاء - بالهوى والتشهي طبعًا -!!!.

إِفَاضَتُهُ فِي بَيَانِ مَوْقِفِ عُلَمَاءِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مِنَ الأَحَادِيثِ وَعَدَمِ اِحْتِجَاجِهِمْ بِهَا:

في [ص ٢٥٤] قال: «مر بك أن علماء الأُمَّة قد انقسموا في تلقي الحديث إلى ثلاثة أقسام المتكلمون والأصوليون - والفقهاء - والمُحَدِّثُونَ ولكي نستوفي هذا البحث نذكر كذلك موقف علماء النحو واللغة فإنهم لم يجعلوا الحديث من شواهدهم في إثبات اللغة وقواعد النحو إلخ ... ».

رَدُّ المُؤَلِّفِ عَلَيْهِ وَبَيَانِ آرَاءِ المُحْتَجِّينَ بِالأَحَادِيثِ مِنَ النُحَّاةِ وَاللُّغَوِيِّينَ:

وَالرَدُّ يَتَطَلَّبُ الكَلاَمَ فِي مَقَامَيْنِ:

[١] لقد عرض أَبُو رَيَّةَ لكلام المتكلمين والفقهاء ولكنه لم يتعرض لكلام المُحَدِّثِينَ ولا أدري إذا كان نسي ذلك أم تناساه لحاجة في نفسه؟ ولو أنه ذكر موقف المُحَدِّثِينَ من الحديث بأمانة وإنصاف لانتقض عليه معظم ما قاله، ولعل فيما ذكرته في ثنايا ردودي ما يكشف عن موقف المُحَدِّثِينَ من الحديث، ومجهودهم المشكور الذي بذلوه في جمع الأحاديث والعناية بها، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، حتى كانت هذه الثروة الطائلة المشرفة من كتب الحديث، وأصوله، ونقد الرجال، وكتب الشروح التِي لَمْ تَدَعْ حَدِيثًا إِلاَّ عرضت له بالشرح والتحليل فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خَيْرًا.

<<  <   >  >>