للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَنَاقُضُ أََبِِي رَيَّةَ فِي أَقْوَالِهِ:

وفي [ص ١٩٧] قال: «وأبو هريرة لم يكن له - كما قلنا - أي شأن في زمن النَّبِيِّ، ولا في عهد العمرين الراشدين، ولم يستطع أن يفتح فمه بحديث واحد إِلاَّ بعد قتل عمر، ولم يجرؤ على الفتوى إِلاَّ بعد الفتنة الأولى، وهي قتل عثمان وعلو شأن بني أمية، وقد أسلف المؤلف في غير موضع من كتابه أن عمر زجره على الإكثار من الرواية، وأنه قال له مُهَدِّداً: «لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دَوْسٍ» وأن أبا هريرة لم يكن من أهل الفتوى، ولا معروفًا بالفقه، ولا ندري أي قوليه نصدق؟! فهو ينقض اليوم ما قاله بالأمس، ويقول هنا ما نقض هناك، وهذا إن دَلَّ على شيء فإنما يدل على أن المؤلف يفكر بعقل مشوش مضطرب، ويكتب بقلم مأجور مذبذب، وهكذا شأن المبطلين.

ذِكْرُ أَبِي رَيَّةَ أَحَادِيثَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَطَعْنُهُ فِيهَا:

في [ص ١٩٨ - ٢٠٢] ذكر المؤلف أمثلة مِمَّا رواه أبو هريرة، وسأستعرض هذه الأحاديث وأبين محاملها الصحيحة، وأن بعضها يعتبر من محاسن الإسلام في توجيهاته وإرشاداته، وسترى أن المؤلف كان ينظر إلى ما روي عن أبي هريرة بعين ساخطة ترى المستقيم مُعْوَجًّا والمحاسن مساوئ والحق باطلاً، وإليك هذه الأحاديث:

حَدِيثُ إِرْسَالِ مَلَكِ المَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:


قال: أخرج " البخاري " و" مسلم " عنه قال: «أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ [عَيْنَهُ] وَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ».

<<  <   >  >>