للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية لـ " مسلم " (*) قال: فلطم موسى عين الملك ففقأها.

وفي " تاريخ الطبري " عن أبي هريرة أنَّ ملك الموت كان يأتي الناس أحيانًا حتى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه، ومن بعد حادثة موسى يأتي الناس خفياً ... اهـ

قال: وإنَّ رائحة الإسرائيلية لتفوح من هذا الحديث.

والجواب:

أنَّ هذا الحديث رواه الإمامان الجليلان البُخَارِي ومسلم (١) أَوْرَدَاهُ موقوفًا عليه من طريق طَاوُوس، ومرفوعًا إلى النَّبِيِّ من طريق همام بن منبه قال الحافظ: وهذا هو المشهور عن عبد الرزاق، وقد رفع محمد بن يحيى عنه رواية طاووس اَيْضًا أخرجه الإسماعيلي.

فالحديث مرفوع لا محالة، أما في رواية همام بن منبه فالأمر ظاهر، وأما رواية طاووس فلها حكم الرفع لأنه لا مجال للرأي فيه، ويبعد كونه من الإسرائيليات وروده مرفوعًا صراحة من طريق صحيح.

ورواه الإمام أحمد في " مسنده ": وليس في الحديث ما يستشكل وإنما يكون مشكلاً لو أن موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - علم أنه ملك الموت، وأنه دافعه رغبة عن الموت، إذ مقام الأنبياء يتنزه عن ذلك.

وفي الحق أن موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ظنه عاديًا يريد أن يعتدي عليه، فدافع موسى عن نفسه فأدت المدافعة إلى فَقْءِ عَيْنِهِ، والدفاع عن النفس أمر مشروع في جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

وليس في الرواية ما يدل على أنه كان يعرف أنه ملك الموت، وتشكل الملائكة بالصور الإنسانية أمر معروف مُسَلَّمٌ، وجاء به القرآن الصادق الذي لا يتطرق


(١) رواه " البخاري " في كتاب أحاديث الأنبياء، باب وفاة موسى. " فتح الباري ": ج ٦ ص ٣٤٢. و " مسلم بشرح النووي ": ج ١٥ ص ١٢٧، ١٢٨.

<<  <   >  >>