وأنهم بهذا الإعداد النبوي استأهلوا حمل الرسالة المحمدية وتبليغها إلى الناس كافة.
ونحن حينما نَصِفُ صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما هم أهل له وأجدر به فإنما نريد صحابته المخلصين الذين أخلصوا لدينهم، وقبضوا على إيمانهم ولم يغمطوا في دين ولا خُلُقٍ، أما المنافقون والمرتدون فلا يدخلون في حسابنا، ولا ننحلهم هذه الصفات، وأيضًا فإننا حينما نسمو بصحابة رسول الله عن الكذب والاختلاق على الرسول فإننا لا ندعي لهم العصمة، وفيما ذكرته في الفصل الذي عقدته لعدالة الصحابة ما يغني عن الإعادة فكن على ذكر منه.
وأما ما ذكره في [ص ٢٣٤] من أن كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وَعَلِيٍّ كانوا لا يُصَدِّقُونَ من يؤدي لهم من الصحابة - حتى من كبارهم - حديثا إِلاَّ إذا جاء بشهيد يشهد معه أنه قد سمعه من النَّبِيِّ أو يحلف أنه تلقاه عنه فقد قَدَّمْتُ الحَقَّ فِيهِ.
وما حدث من هؤلاء السادة الخلفاء الراشدين إنما كان من قبيل الورع والمبالغة في التَّحَرِّي والتثبت ليضعوا الأساس لكل من جاء بعدهم في التثبت في الرواية كما أكدنا ذلك آنِفًا.
في [ص ٢٣٦] قال بعد ما عرض للخلافات السياسية والمذهبية: «من أجل ذلك كان الوصول إلى معرفة الأحاديث الصحيحة شَاقًّا، والبحث عن معرفة حقيقة الرُواة أشق، وإذا علم ذلك بَدَا - ولا ريب - أن تأخر التدوين كان له ضرر بالغ إذ كان سببًا في اتساع آفاق الرواية واتصال الصحيح بالموضوع وتعذر التمييز على مَرِّ الدهور».
وهو تهويل وَشَنْشَنَةٌ نَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمَ، فقد علمنا أن العلماء قد شمروا عن ساعد الجد، وأوفوا على الغاية في البحث عن حال الرواة ونقد المرويات، وتحملوا