أنه لا مانع عقلاً ولا شرعًا في تصديق النَّبِيِّ لأُمَيَّةَ أو غيره في بعض ما يقول ما دام حَقًّا، وقد ثبت في الصحيح أن النَّبِيَّ قال:«أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ، [كَلِمَةُ لَبِيدٍ]: أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ» فإن كان كَذِبًا أو باطلاً نَبَّهَ إليه، ولذلك قال في قول هذا الشاعر وهو لبيد:
وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ «كَذَبَ إِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ غَيْرُ زَائِلٍ» كما قال لما سمع شعر أمية هذا «آمَنَ لِسَانُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ».
قَالَ: وَرَوَى " مسلم " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى غُلاَمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، فَقَالَ:«إِنْ عُمِّرَ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ذَاكَ الْغُلاَمُ مِنْ أَتْرَابِي يَوْمَئِذٍ ... ثم قال متهكما: فما قول عُبَّادِ الأسانيد؟ لعل بعضهم يقول: لعل هذا الغلام لم يدركه الهرم إلى الآن.
والجواب:
أن استشكال هذا الحديث إنما يكون مِمَّنْ قصر نظره، وضاق عقله عن إدراك المراد منه، وهذا الحديث - وأمثاله - ليس المراد به يوم القيامة، وإنما المراد الساعة الخاصة، وهي انتهاء الجيل وأهل القرن الواحد. والساعة كما تطلق على الساعة العامة للدنيا كلها وهي القيامة تطلق على الساعة الخاصة، وهذا الثاني هو المراد هنا، ويؤيد ذلك ما في " صحيح مسلم " أن النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في حديث آخر: