فهذا هو الظن الذي يليق بهؤلاء السادة الذين هم من خير القرون بشهادة الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -.
ومِمَّا ينبغي أن يعلم أن التدوين، وإن كان بدأ بصفة عامة على رأس المائة الأولى، إِلاَّ أنه بدأ بصفة خاصة من عهد الرسول وفي حياته فقد كان بعض الصحابة والتابعين يقيدون الأحاديث والسنن وفي الروايات الصحيحة الموثوق بها ما يدل على ما أقول.
وروى " البخاري " و" مسلم " أن أبا شاه اليمني التمس من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يكتب له شيئًا سمعه من خطبته عام الفتح فقال: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ»(٣).
وروى أبو داود والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الشَّيْءَ فَأَكْتُبُهُ؟ قَالَ:" نَعَمْ "، قُلْتُ: فِي الغَضَبِ وَالرِّضَا؟ قَالَ:" نَعَمْ، فَإِنِّي لاَ أَقُولُ فِيهِمَا إِلاَّ حَقًّا "».