ولا ندري ما منشأة هذا الاضطراب وعدم الثبوت على رأي حتى خالف عجز كلامه صدره؟!
ثم ساق كلام الإمام «الشاطبي» في " الاعتصام " وليس في كلام الشاطبي ما يشهد للتفرقة بين السُنَّة القولية والعمليَّة بل دَلَّ كلام الشاطبي على أنَّ المراد بالسُنَّة القول والفعل والتقرير.
ثم نقل عن السيد «رشيد رضا» قوله: «والعُمدة في الدين كتاب الله تعالى في المرتبة الأولى والسُنَّة العمليَّة المتفق عليها في المرتبة الثانية وما ثبت عن النَّبِي وأحاديث الآحاد فيها رواية ودلالة في الدرجة الثالثة، ومن عمل بالمتفق عليه كان مسلماً ناجياً في الآخرة مُقَرَّباً عند الله تعالى، وقد قرر ذلك الغزالي».
فها أنت ترى أنَّ ما نقله ليس فيه ما يشهد لما اضطرب فيه من كلامه، والذي عليه المُحَقِّقُونَ أنَّ السُنَّة قولاً وعملاً وتقريراً هي الأصل الثاني والأصل الأول هو الكتاب.
على أنَّ ما ذكره السيد رشيد وجعله في المرتبة الثانية هو السُنَّة العمليَّة المتفق عليها لا مطلق سُنَّةٍ عَمَلِيَّةٍ، ومثل هذا كان في حاجة إلى تحرير، لا أنْ يدع القارئ في مهمة من الشك والاضطراب.
في [ص ٢٩] تحت عنوان «الصحابة ورواية الحديث» قال: «وفي رواية ابن حزم في " الأحكام " أنه حبس ابن مسعود وأبا موسى وأبا الدَرْدَاءَ في المدينة على الأكثار من الحديث».
وقد تَجَنَّى المؤلف على الحقيقة وابن حزم ما تَجَنَّى! فقد أوهم القارئَ أنَّ ابن حزم رَوَاهُ، وليس من روايته قطعاً، وإنما ذكره في كتابه وَفَرْقٌ بين الذكر والرواية كما يعلم ذلك المبتدئون في علم الحديث، وَأَوْهَمَ القَارِئَ اَيْضًا أنه ارتضاه، وابن حزم بريء منه، وإنما زيفه وبَيَّنَ بُطلانه.
وإليك ما ذكره ابن حزم في " الأحكام ": «وَرُوِيَ عن عمر أنه حبس ابن مسعود