للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقارنة بين العلم في العصر الأموي والعباسي ولذلك لما عرض لتدوين الحديث في " فجر الإسلام " (١) و " ضُحَاهُ " لم يذكر شيئًا من هذا وإنما ذكر ما ذكره العلماء الأثبات من قبل وقد نقلنا لك عن كتب كلام الحافظ في " الفتح " في صفة التدوين في أول الأمر، وليس فيه شيء مِمَّا زعم المؤلف.

اِسْتِنْتَاجٌ آخَرَ وَبَيَانُ خَطَئِهِ:

في [ص ٢٣٣] قال بعد أن ذكر الأطوار التي مَرَّ بها تدوين الحديث:

«وبهذا يخلص لك أن التدوين الصحيح لم يكن إِلاَّ بعد منتصف القرن الثالث إلى القرن الرابع».

وفي الحق أني وقفت طويلاً عند هذه العبارة كي أفهم المراد منها فإن أراد التدوين في الأحاديث الصحاح فكلامه غير صحيح فقد حمل لواء التأليف في الصحيح الإمامان الجليلان البخاري ومسلم وكلاهما عاش في النصف الأول من القرن الثالث، وإن أراد أن التدوين العام لم يبدأ إِلاَّ بعد منتصف القرن الثالث فهو أشد خطأ، إذ التأليف بدأ في أوائل القرن الثاني وَنَمَا وزاد في آخر هذا القرن ثم بلغ الازدهار في القرن الثالث من أوله لا من منتصفه، ثم ماذا يقول أَبُو رَيَّةَ في " موطأ الإمام مالك " وقد ألف في القرن الثاني قَطْعًا فقد توفي الإمام عام ١٧٩هـ. ماذا يقول في " مسند الإمام الجليل أحمد بن حنبل " وهو قَطْعًا أُلِّفَ قبل منتصف القرن الثالث إذ كانت وفاة الإمام عام ٢٤١ هـ.

الصَّحَابَةُ بَشَرٌ وَلَكِنَّهُمْ فِي القِمَّةِ دِينًا وَخُلُقًا:

في [ص ٢٣٣] قال تحت عنوان «أثر تأخير التدوين»: «وما كان الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - بِدَعًا من الناس ولا هم بالمعصومين».

ونحن وإن كنا نعتبر الصحابة بَشَرًا كالبشر ولكنا نرى - بفضل تربية الرسول لهم - أنهم طراز خاص سَامٍ من البشر في دينهم وفي خلقهم وفي اكتمال شخصيتهم


(١) " فجر الإسلام ": ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>